منها (١) : ما قيل في ترجيح ظهور العموم على الإطلاق ، وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الأمر بينهما : «من (٢) كون ظهور العام في العموم تنجيزيا (٣) ، بخلاف ظهور المطلق في الإطلاق فإنه (٤) معلق على عدم البيان والعام يصلح (٥) بيانا ،
______________________________________________________
في ترجيح العموم على الإطلاق
(١) أي : من تلك الوجوه الضعيفة : ما أفاده الشيخ «قدسسره» في الرسائل من أنه إذا دار الأمر بين التقييد والتخصيص قدّم الأول على الثاني لوجهين :
الأول : أظهرية العام في العموم من المطلق في الإطلاق ؛ لكون ظهور الأول تنجيزيا حيث إنه مستند إلى الوضع ، والثاني : تعليقيا ، لكونه معلقا على مقدمات الحكمة التي منها عدم البيان ، والعام صالح للبيانية ، فعدم الأخذ بالإطلاق حينئذ إنما هو لعدم تمامية مقتضيه ، بخلاف العكس ؛ إذ تمام المقتضي للعموم ـ وهو الوضع ـ موجود ، فلا وجه لرفع اليد عنه للزوم الدور الذي سيأتي تقريبه إن شاء الله تعالى.
مثلا : إذا ورد : «أكرم الشاعر ولا تكرم الفساق» ، وكان هناك شاعر فاسق ، دار الأمر بين إخراجه عن وجوب إكرام الشاعر بالتقييد بغير الفاسق وبين إخراجه عن عموم حرمة إكرام الفساق بالتخصيص ، والحكم بوجوب إكرامه ، فيقال : إن التقييد أولى من التخصيص ، حيث إن ظهور «الفساق» في العموم بالوضع ، وظهور «الشاعر» في الإطلاق بمقدمات الحكمة التي هي غير تامة ، لما عرفت من صلاحية العام للبيانيّة ؛ لأن دلالة العام تنجيزية لا تتوقف على غير الوضع ، بخلاف دلالة الإطلاق ـ الموضوع لنفس الطبيعة ـ على الشمول ؛ فإنها معلقة على عدم البيان ؛ لكون المولى بصدد بيان مراده ، فعدم تقييده إكرام الشاعر بالعدالة كاشف عن موضوعية نفس الشاعر لوجوب الإكرام ولو كان فاسقا ، ومن المعلوم : انتفاء هذه بورود البيان وهو العام المفروض صلاحيته للبيانية على ايراد من المطلق.
(٢) بيان «ما» الموصول في «ما قيل» ، وهذا بيان حاصل كلام الشيخ «قدسسره».
(٣) لاستناده إلى الوضع الذي لم يعلّق على شيء ؛ لكونه المقتضي التام للظهور.
(٤) أي : ظهور المطلق في الإطلاق معلّق على عدم البيان الذي هو جزء المقتضي للإطلاق ، فظهور العام لتمامية مقتضيه ـ وهو الوضع ـ منجز غير معلق على شيء ، بخلاف إطلاق المطلق ، فإنه معلق على تمامية مقتضيه المنوطة بعدم البيان.
(٥) لكونه تنجيزيا باعتبار تماميّة مقتضيه وهو الوضع كما مرّ مرارا.