فصل (١)
لا إشكال في تعيين الأظهر لو كان في البين إذا كان التعارض بين الاثنين. وأما إذا
______________________________________________________
في انقلاب النسبة
(١) الغرض من عقد هذا الفصل : تعيين الأظهر فيما إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين ، وأنه هل تنقلب النسبة بين مثل العام والخصوصات المتعددة من العموم والخصوص إلى نسبة أخرى أم لا؟
وقبل الخوض في البحث ينبغي تحرير ما هو محل الكلام في هذا الفصل.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : بيان الاحتمالات في المقام :
الاحتمال الأول : أن يكون أحد الدليلين عاما أو مطلقا والآخر خاصا أو مقيدا ، فلا إشكال في تقديم الخاص على العام والمقيد على المطلق.
الاحتمال الثاني : أن يكون الدليلان عامين من وجه ، فلا إشكال في تعارضهما في مادة الاجتماع والرجوع إلى المرجحات.
الاحتمال الثالث : أن يكون في المقام ثلاثة أدلة أو أكثر ؛ كما لو ورد : «أكرم العلماء» ، وورد : «لا تكرم فساق العلماء» ، وورد : «لا تكرم النحويين».
وهنا يكون دليل أعم مطلقا وهو «أكرم العلماء» ، ودليلان أخص مطلقا وهما «لا تكرم فساق العلماء» و «لا تكرم النحويين».
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن هذا الاحتمال الثالث هو محل الكلام.
والحق عند المصنف ـ وهو المشهور ـ أن يقدم الخاصان على العام ، فيحرم إكرام فساق العلماء وإكرام النحويين.
وقد وقع اشتباه لبعض الأعلام ـ وهو الفاضل النراقي ـ حيث توهم انقلاب النسبة ؛ بأن يخصص «أكرم العلماء» مثلا أولا ب «لا تكرم فساق العلماء» ، وحينئذ تكون النسبة بين «أكرم العلماء غير الفساق» وبين «لا تكرم النحويين» عموما من وجه ؛ لأنهما يجتمعان في النحوي العادل ويختص الأول بالفقيه العادل والثاني بالنحوي الفاسق ، وهذا الاشتباه مما لا وجه له ؛ إذ لما ذا لا يقدّم أحد التخصيصين على التخصيص الآخر