ولذا (١) وقع بعض الأعلام في اشتباه وخطأ ، حيث (٢) توهّم : أنه إذا كان هناك
______________________________________________________
إكرام عدول الأمراء» ، فإنه لا يمكن تخصيص العام بكليهما لعدم بقاء مورد له ، فلا محالة يقع التعارض بين العام وكلا الخاصين ، ويجري عليهما حكم المتباينين.
وقد ينعكس الأمر فتنقلب نسبة العموم من وجه إلى العموم المطلق ؛ كما إذا ورد : «أكرم العلماء ، ولا تكرم الفساق ، ويكره إكرام الأمراء الفساق» ، فإن النسبة بين الأول والثاني عموم من وجه وبين الثاني والثالث عموم مطلق كما هو واضح ، فإذا خصص الثاني بالثالث وصار مفاده «حرمة إكرام الفساق إلا فساق الأمراء ، فإنه يكره إكرامهم» انقلبت نسبة الأخص من وجه بين «أكرم الأمراء ولا تكرم الفساق» إلى الأخص المطلق ؛ إذ مفادهما حينئذ «وجوب إكرام الأمراء إلّا فساقهم».
هذا ، وقد تنقلب نسبة الأعم والأخص مطلقا إلى التباين ؛ كما إذا ورد : «أكرم الأمراء ولا تكرم فساق الأمراء ويستحب إكرام عدول الأمراء» ، فإن النسبة بين العام وبين كل من الخاصين عموم مطلق كما هو واضح ؛ إلّا إن تخصيصه بالخاص الأول ـ وصيرورة مفاده بعد التخصيص وجوب إكرام الأمراء العدول ـ أوجب انقلاب النسبة إلى التباين ؛ لمباينة هذا المفاد مع استحباب إكرام الأمراء العدول.
إذا عرفت معنى انقلاب النسبة ، وأن المقصود من هذا البحث تعيين الأظهر من بين الأدلة المتعارضة ، فاعلم : أنه وقع الخلاف في أنه هل يلاحظ نسبة كل خاص مع العام مع الغض عن الخاص الآخر ـ أن يخصّص العام بكل واحد من الخصوصات في رتبة واحدة ـ أم يلاحظ نسبة العام إلى خاص ، وبعد تخصيصه به يلاحظ ثانيا مع الخاص الآخر وهكذا؟
فيه قولان نسب الأول إلى المشهور ، والثاني : إلى العلامة النراقي «قدسسره» حيث إنه يلاحظ العام مع أحد الخصوصات ، وبعد تخصيصه به يلاحظه مع سائر الخصوصات وقيل : إن استدلاله في الفقه يدور عليه.
ولكن التحقيق الذي ذهب إليه المصنف وغيره هو الأول ، فالمدار عند الفاضل النراقي على النسبة الحادثة ، وعند غيره على النسبة السابقة الأولية التي كانت بين العام وبين كل واحد من الخصوصات ، فيخصص بكل واحد منها ـ مع الغض عن الآخر ـ بتلك النسبة.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) أي : ولخفاء الأظهر وقع بعض الأعلام ـ وهو الفاضل النراقي ـ في الخطأ والاشتباه.
(٢) هذا تمهيد لبيان الاشتباه الذي وقع فيه الفاضل النراقي.