بين الخصوصات ، فيخصّص ببعضها ترجيحا أو تخييرا (١) فلا تغفل.
هذا (٢) فيما كانت النسبة بين المتعارضات متحدة (٣) ، وقد ظهر منه (٤) حالها فيما
______________________________________________________
العام به ـ ربما يقع التعارض بالعرض بين الخصوصات ، كما إذا ورد : «أكرم الأمراء ، لا تكرم فساق الأمراء ، يستحب إكرام العدول منهم» ، فإن تخصيص العام بهما مستلزم لعدم بقاء مورد للعام ، فيقع التعارض التبايني بين العام ومجموع الخاصين ، ولا بد من العلاج. فإن طرحنا العام وعملنا بالخاصين فهو. وإن قدمنا العام لم يجز طرح الخاصين معا كما لا يجوز العمل بهما.
أما عدم جواز طرحهما معا : فلأنهما حجتان ، وما يكون مزاحما للعام واحد منهما لا كلاهما ؛ لأن منشأ عدم بقاء مورد للعام هو العمل بهما معا ، وحينئذ : فالعام حجة بمقتضى أدلة العلاج ، وأحد الخاصين حجة أيضا بمقتضى الأدلة ، فيقع التعارض بالعرض بين نفس الخاصين من جهة تعذر العمل بهما معا.
ومعنى التعارض بالعرض : هو العلم الإجمالي بعدم شمول أدلة الاعتبار لكلا الخاصين ، وأن الحجة منهما أحدهما لا كلاهما. وفي مثله تصل النوبة إلى رعاية قانون التعارض ، فإن كان أحدهما أقوى دلالة قدّم على الآخر كما في «يستحب إكرام الأمراء» فإنه أظهر في الاستحباب من ظهور «لا تكرم الأمراء» في الحرمة ، وإن لم يكن لأحدهما مزية بقوة الدلالة فالحكم هو وجوب الترجيح بالمرجحات إن قلنا بوجوبه ، أو التخيير في تخصيص العام بأحد الخاصين إن لم نقل بوجوب الترجيح كما هو مختار الماتن «قدسسره».
وهذا مقصود المصنف من قوله : «فربما يقع التعارض بين الخصوصات».
(١) الترجيح فيما كان له مرجّح ، والتخيير فيما لم يكن له مرجّح أو قلنا بالتخيير مطلقا حتى مع وجود المرجّح ؛ لكون الترجيح مستحبا لا واجبا.
(٢) أي : ما ذكرناه من ملاحظة النسبة بين الظهورات يكون فيما إذا كانت النسبة بين الأدلة المتعارضة متحدة ، كما إذا كانت النسبة بينها أخص مطلقا كقوله : «أكرم الأمراء ، ولا تكرم الكوفيين منهم ، ولا تكرم البصريين منهم» ، فإن النسبة بين كل واحد منهما مع «أكرم الأمراء» أخص مطلقا.
(٣) كالأمثلة المتقدمة ، فإن النسبة بينها متحدة وهي الأخص المطلق.
(٤) أي : قد ظهر مما ذكرناه في المتعارضات المتحدة النسبة ـ من ملاحظة النسبة بينها قبل العلاج ـ حال المتعارضات المتعددة النسبة في أن النسبة ملحوظة بينها قبل العلاج ، ولا تنقلب النسبة بينها بعد العلاج.