الترجيح بصدد بيان أن هذا مرجّح وذاك مرجّح (١) ، ولذا (٢) اقتصر في غير واحد منها على ذكر مرجّح واحد ؛ وإلّا لزم تقييد جميعها ـ على كثرتها ـ بما في المقبولة وهو (٣) بعيد جدا ، وعليه (٤) : فمتى وجد في أحدهما مرجّح وفي الآخر آخر منها (٥)
______________________________________________________
هذا تمام الكلام في الإشكال على اعتبار الترتيب بين المرجحات المنصوصة.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) يعني : من دون نظر إلى اعتبار ترتيب بينها واقعا.
(٢) غرضه : إقامة شاهد على ما ادعاه من إمكان دعوى ظهور المقبولة والمرفوعة في مقام بيان تعداد المرجحات ، من دون نظر إلى ترتيب بينها ، وذلك الشاهد هو عدم تعرّض غير واحد من أخبار الترجيح إلّا لمرجح واحد كقول مولانا الرضا «عليهالسلام» في خبر محمد بن عبد الله في الخبرين المختلفين : «إذا ورد عليكم خبران مختلفان فانظروا إلى ما يخالف منهما العامة فخذوه ، وانظروا إلى ما يوافق أخبارهم فدعوه» ، وقول أبي عبد الله «عليهالسلام» في خبر سماعة بن مهران : «خذ بما فيه خلاف العامة» وغير ذلك مما ذكر فيه مرجّح واحد وهو موافقة الكتاب كخبر الحسن بن الجهم عن العبد الصالح «عليهالسلام» : «إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وأحاديثنا ، فإن أشبههما فهو حق ، وإن لم يشبههما فهو باطل». وقريب منه سائر أخبار الباب ، فإن الاقتصار على ذكر مرجّح واحد وعدم بيان الترتيب بين المرجحات في تلك الروايات يشهد بعدم اعتبار الترتيب.
قوله : «وإلّا» إشارة إلى الوجه الثاني من الإشكال الذي تقدم توضيحه.
(٣) أي : تقييد إطلاق الأخبار المتضمنة لمرجح واحد أو أكثر بالمقبولة والمرفوعة بعيد جدّا ؛ لاستهجان كثرة التقييد كاستهجان كثرة التخصيص عند أبناء المحاورة ؛ إذ جميع أخبار الترجيح ـ عدا المقبولة والمرفوعة ـ لا تتضمّن تمام المرجحات بل بعضها ، فيلزم تقييد كلها.
(٤) يعني : وبناء على كون المقبولة والمرفوعة بصدد بيان المرجحات ـ من دون نظر إلى اعتبار الترتيب والطولية بينها ـ فمتى وجد في أحد الخبرين مرجح كأول المرجحات المذكورة في المقبولة مثل الأفقهية وغيرها من صفات الراوي ، وفي الآخر مرجح آخر كمخالفة العامة ونحوها مما يتأخر عن صفات الراوي في المقبولة وقع التعارض بينهما ؛ لكون المرجحين في عرض واحد ، فيرجع حينئذ إلى إطلاقات التخيير.
(٥) أي : من المرجحات.