وقال بعد جملة من الكلام : «فمورد هذا الترجيح تساوي الخبرين من حيث الصدور إما علما كما في المتواترين ، أو تعبدا كما في المتكافئين من الأخبار. وأمّا ما وجب فيه التعبد (١) بصدور أحدهما المعيّن دون الآخر ؛ فلا وجه لإعمال هذا المرجح (٢) فيه (٣) ؛ لأن (٤) جهة الصدور متفرع على أصل الصدور». انتهى موضع الحاجة من كلامه «زيد في علوّ مقامه».
وفيه (٥) ـ مضافا إلى ما عرفت ـ : أن (٦) حديث فرعيّة جهة الصدور على أصله إنما
______________________________________________________
انثلامه بالنسبة إليهما ؛ إذ لا يلزم من شموله لهما محذور الطرح في أحدهما بخلاف المقام ـ أعني : المتفاضلين صدورا ـ لما عرفت من عدم تعقل صدورهما ثم طرح أحدهما رأسا ؛ إذ حمل الموافق منهما للعامة على التقية إلغاء له عن الاعتبار من جميع الجهات.
(١) وهو فيما إذا كان المتعارضان متفاضلين ، فإنه يجب التعبد بأحدهما المعيّن ـ وهو ذو المزية الصدورية ـ بمقتضى أدلة الترجيح.
(٢) أي : المرجّح الجهتي.
(٣) أي : فيما وجب فيه التعبّد بصدور أحدهما المعيّن ، وحاصله : أنه ـ بعد تفرّع جهة الصدور على أصله ـ لا يبقى مجال لإعمال المرجّح الجهتي ؛ بل لا بد من إعمال المرجّح الصدوري والحكم بصدور ذيه ، وطرح الخبر الآخر وإن كان مخالفا للعامة.
(٤) تعليل لقوله : «فلا وجه» ، وقد تقدم في صدر كلامه بقوله : «لأن هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما ...» الخ.
ومقتضى الفرعية لزوم إعمال مرجح الصدور قبل مرجح جهته ، فلا مجال للمرجح الجهتي مع الصدوري ؛ بل هذا مقدم على ذلك.
(٥) هذا جواب ما أفاده الشيخ «قدسسره» : وهو يرجع إلى وجهين :
أحدهما : ما أشار إليه بقوله : «مضافا إلى ما عرفت» ، ومحصله : ما أفاده سابقا من أنه لا وجه لمراعاة الترتيب بين المرجحات سواء قلنا بالتعدي عن المزايا المنصوصة أم لم نقل ، ومن المعلوم : أن مقتضى عدم الترتيب عرضيّة المرجحات وعدم تقدم أحدها على الآخر.
(٦) إشارة إلى ثاني الوجهين : ومحصله : أنّ فرعية جهة الصدور على أصله إنما تصح إن لم يكن المرجح الجهتي مرجحا لأصل الصدور ، وأما إذا كان كذلك بأن جعل مناط مرجحية المرجّح مطلقا ـ سواء كان مرجّحا صدوريا أم جهتيا ـ الظن بالصدور أو الأقربية إلى الواقع ، فلا فرق بينه وبين سائر المرجحات ؛ لرجوعها طرّا إلى مرجحات