وأما الأمور الاعتقادية (١) التي كان المهم فيها شرعا هو الانقياد (٢) والتسليم ،
______________________________________________________
أن دليل حجية ظواهر الألفاظ هو السيرة العقلائية الممضاة على العمل بالظواهر ، ومن المعلوم : أن المتبع عندهم بما هم عقلاء هو الظهور الفعلي. واستصحاب الظهور السابق قاصر عن إثباته ، والفرد الادعائي للظهور الثابت بالاستصحاب ليس متبعا عندهم حتى يندرج في دليل حجية الظواهر على حد اندراج الظهور الفعلي فيه ؛ وذلك لأن دليل حجية الظواهر وهي السيرة العقلائية لبّي ، فلا إطلاق له حتى يشمل كلا من الظهور الفعلي والتعبدي ، فموضوع الحجية هو خصوص الظهور الفعلي.
وبالجملة : فما أفاده المصنف «قدسسره» في الحاشية من «أن الأصل الجاري هنا أصل لفظي وهو أصالة عدم النقل ولا ربط له بالاستصحاب» في غاية المتانة ، ولا وجه لإثبات الظهور التنزيلي كما في بعض الحواشي أصلا.
(١) توضيحه : أن الأمور الاعتقادية على قسمين :
الأول : أن يكون المطلوب فيها شرعا مجرد الالتزام بها وعقد القلب عليها من دون لزوم تحصيل اليقين بها ؛ كخصوصيات عالم البرزخ والبعث والجنة والنار ، فإن الواجب منها علينا هو التسليم لها والاعتقاد بها على ما هي عليه ، فتتأدى هذه المطلوبية بأن نعتقد بما اعتقد به إمامنا الصادق «صلوات الله عليه» ، وفي هذا القسم يجري كل من الاستصحاب الموضوعي والحكمي.
أما الأول : فكما إذا شك في بقاء سؤال النكيرين أو وحشة القبر أو ضغطته في بعض بقاع الأرض ؛ لكرامة من دفن فيها من نبيّ أو إمام «صلوات الله عليهما» ، فإنه يجري الاستصحاب في جميع ذلك ، ويترتب عليه وجوب الاعتقاد بذلك كله ، فإن هذا الوجوب حكم شرعي يترتب على استصحاب موضوعه ؛ إذ لا فرق في الحكم الشرعي بين تعلقه بعمل جارحي وعمل جانحي بعد شمول دليل الاستصحاب لكليهما كما سيأتي.
وأما الثاني : فكما إذا فرض الشك في وجوب اعتقادنا بنبوة الأنبياء السابقين «عليهمالسلام» ؛ لاحتمال وجوبه على خصوص المسلمين في صدر الإسلام ، أو شك في وجوب الاعتقاد بالسؤال والضغطة والوحشة مع اليقين بها ، فإن استصحاب وجوب الاعتقاد جار في جميعها بلا مانع.
(٢) هذا إشارة إلى القسم الأول الذي يكون المطلوب فيه هو الالتزام والانقياد دون اليقين والمعرفة ، وقد مر تفصيله بقولنا : «الأول : أن يكون المطلوب فيها شرعا».