.................................................................................................
______________________________________________________
فقدان أحد هذه الأمور لا يكون حجة ، فلا يصلح لإثبات الدعوى ، كما أنها معتبرة في البرهان الجدلي الذي يراد به إلزام الخصم ؛ إذ مع فقدان كلها أو بعضها لا يرى المورد من موارد الاستصحاب حتى يكون حجة على الخصم ويلزم به وتبطل به دعواه ؛ إذ لا بد في إلزامه من اعترافه بجريان الاستصحاب في المورد ، ومع إنكاره لشرط من شرائطه واعتقاده بعدم جريانه فيه كيف يعقل إلزامه به؟
ففي البرهان الجدلي الملزم للخصم المبطل لدعواه يعتبر اعترافه باجتماع جميع شرائط البرهان عنده ، كاجتماعها عند من يقنع به نفسه ويثبت به دعواه ، ولذا قال المصنف «قدسسره» : «لا يكاد يلزم به الخصم إلّا إذا اعترف ...» الخ.
وبهذه المقدمة يتضح : أنه لا مجال لتثبت الكتابي باستصحاب نبوة موسى «على نبينا وآله وعليهالسلام» ، لا إلزاما للخصم وهو المسلم ، ولا إقناعا لنفسه.
أما الأول : فلانتفاء الشرط الأول والثاني فيه إن أريد بالنبوة الصفة الكمالية القائمة بنفسه المقدسة التي من شئونها تلقي المعارف الإلهية والفيوضات الربانية ؛ وذلك لليقين ببقاء النبوة بهذا المعنى ، فلا شك في بقائها حتى يجري فيها الاستصحاب. كما لا أثر شرعا لهذه النبوة ، فينتفي الشرط الثاني أيضا وهو كون المستصحب أثرا شرعيا أو موضوعا له.
ولانتفاء الشرط الأول أيضا ـ وهو الشك في البقاء دون الشرط الثاني ـ إن أريد بالنبوة الشريعة ، حيث إن ارتفاعها معلوم ؛ لعلم المسلم بنسخها بهذه الشريعة ، فلا يكون شاكا في ارتفاع شريعته حتى يجري فيها الاستصحاب ويلزمه الكتابي به.
وأما الثاني : وهو تشبث الكتابي باستصحاب نبوة موسى «على نبينا وآله وعليهالسلام» لإقناع نفسه ، فلا مجال له ؛ إذ لو أريد بالنبوة المنصب الإلهي الذي لا بد من تحصيل اليقين به بالنظر إلى المعجزات ودلائل النبوة ، فلا يجري فيها الاستصحاب ؛ لأنه لا يوجب المعرفة.
ولو أريد بها الشريعة : فالكتابي وإن كان متيقنا بأصلها وشاكا في بقائها ؛ إلّا إن جريانه فيها منوط بالدليل على اعتباره ، فإن كان ذلك الدليل من نفس تلك الشريعة لزم الدور ، لتوقفها على اعتبار الاستصحاب ، وتوقف اعتباره عليها. وإن كان من هذه الشريعة : لزم الخلف ؛ إذ لازم اعتباره من هذه الشريعة ارتفاع الشريعة السابقة.
ولو أريد بالنبوة الكمال النفساني الحاصل بالرياضات ، فلا مجال لجريان الاستصحاب