آيات واضحات (مِنَ الْهُدى) بما يهدي إلى الحق من الأحكام (وَ) من (الْفُرْقانِ) مما يفرق بين الحق والباطل (فَمَنْ شَهِدَ) حضر (مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) تقدم مثله وكرر لئلا يتوهم نسخه بتعميم من شهد (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ولذا أباح لكم الفطر في المرض والسفر ولكون ذلك في معنى العلة أيضا للأمر بالصوم
____________________________________
كونها في الأوتار هذا مذهب مالك ، وذهب الشافعي إلى أنها لا تنتقل عن رمضان بل هي ملازمة له ، والغالب كونها في العشر الأواخر منه ، والغالب كونها في الأوتار خصوصا إذا صادف الوتر ليلة جمعة قوله : (هاديا) يصح أن يبقى على مصدريته والوصف به مبالغ ، ويصح أن يكون على حذف مضاف أي ذو هدى على حد : زيد عدل قوله : (من الضلالة) أي الكفر.
قوله : (وَبَيِّناتٍ) معطوف على هدى من عطف الخاص على العام ، لأن الهدى بعضه ظاهر واضح كآية الكرسي والإخلاص وغير ذلك ، وبعضه غير واضح ، قال تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) إلى أن قال : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، فالإيمان بكل آية هدى واضحة أو لا. قوله : قوله : (مما يفرق بين الحق والباطل) أي فيه آيات بينات مصحوبة بالأدلة القطعية التي تقنع الخصم كقوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ). وقوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) الآيات. وعطف الفرقان على الهدى من عطف الخاص على العام فكل أخص ما قبله الهدى صادق بالواضح وغيره كان معه دليل أم لا ، والبينات من الهدى صادقة بوجود الحجج معها أم لا ، والفرقان هو الآيات البينات التي معها حجج.
قوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) إن كان المراد به الأيام فالمعنى شهد بعضه وإن كان المراد به الهلال ، فالمعنى علمه إما أن يكون رآه أو ثبت عنده ، وقوله : (فَلْيَصُمْهُ) الشهر بمعنى الأيام ، وعلى كل ففيه استخدام على كل حال لأنه ذكر الإسم الظاهر بمعنى وأعاد الضمير بمعنى آخر ، والخطاب للمكلف القادر الغير المعذور. قوله : (مَرِيضاً) أي مرضا شديدا يشق معه الصوم. قوله : (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي سفر قصر وتلبس به قبل الفجر ، والمعنى فأفطروا فعليهم عدة. قوله : (بتعميم من شهد) أي فإن لفظ من يعم المسافر وغيره والمريض وغيره.
قوله : (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) عطف لازم على ملزوم. قوله : (في المرض والسفر) أي وما والاهما من الأعذار المبيحة للفطر التي نص عليها الفقهاء. قوله : (في معنى العلة أيضا للأمر بالصوم) أي فهو علة لأمرين الأول جواز الفطر للمريض والمسافر ، الثاني التوسعة في القضاء فلم يجب زمن معين ولا تتابع ولا مبادرة. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي عدة صوم رمضان) يحتمل أن المعنى من جهة قضائه أي أردت بكم اليسر لتكملوا قضاءه إذا فاتكم لعذر ، فإذا فاتكم شهر رمضان مثلا فاقضوا شهرا إن كاملا فكاملا وإن ناقصا فناقصا ويحتمل أن المعنى من جهة صوم رمضان الحاضر ، أي أردت بكم اليسر لتكملوا عدة رمضان ولا تنقصوها إلا لعذر كمرض وسفر فلا بأس بالفطر لذلك ، وهذا مرتب أيضا على قوله يريد الله بكم اليسر ، فالمعنى أبحت لكم الفطر في السفر والمرض لإرادة اليسر بكم وكلفتكم بالصوم مع اليسر وأبحت لكم الفطر في المرض والسفر لتكمل منكم العدة إما في رمضان أو في أيام آخر.