أمرها ما ذكر في سورة مريم ، فلما بعثه الله إلى بني إسرائيل قال لهم إني رسول الله إليكم (أَنِّي) أي بأني (قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) علامه على صدقي (مِنْ رَبِّكُمْ) هي (أَنِّي) وفي قراءة بالكسر استئنافا (أَخْلُقُ) أصور (لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) مثل صورته فالكاف اسم مفعول (فَأَنْفُخُ فِيهِ) الضمير للكاف (فَيَكُونُ طَيْراً) وفي قراءة طائرا (بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته فخلق لهم الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا فكان يطير وهم ينظرونه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا (وَأُبْرِئُ) أشفي (الْأَكْمَهَ) الذي ولد أعمى (وَالْأَبْرَصَ) وخصّا بالذكر لأنهما داءا إعياء ، وكان بعثه في زمن الطب فأبرأ في يوم خمسين ألفا بالدعاء بشرط الإيمان (وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) كرره لنفي
____________________________________
(نجعله) لأنه المناسب له. قوله : (في الصبا) أي وهو ابن ثلاث سنين ، وقوله : (أو بعد البلوغ) أي وهو ابن ثلاثين سنة ، وكلا القولين ضعيف ، والمعتمد أنه نبىء على رأس الأربعين ، وعاش نبيا ورسولا ثمانين سنة ، فلم يرفع إلا وهو ابن مائة وعشرين سنة. قوله : (فنفخ جبريل في جيب درعها) أي وكان عمرها إذ ذاك قيل عشر سنين ، وقيل ثلاث عشرة ، وقيل ست عشرة سنة. قوله : (ما ذكر في سورة مريم) أي في قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) الآيات ، واختلف في مدة حملها ، فقيل تسعة أشهر ، وقيل ثلاث ساعات ، وقيل ساعة واحدة وهو المشهور.
قوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) مرتب على محذوف قدره المفسر بقوله فلما بعثه الله الخ ، وهو إشارة لقصة رسالته بعد أن ذكر قصة بشارته وحمله وولادته. قوله : (اصور) دفع بذلك ما يقال إن الخلق هو الإيجاد بعد العدم وهو مخصوص بالله تعالى ، فأجاب بأن معنى الخلق التصوير. قوله : (مفعول) أي لأخلق. قوله : (الضمير للكاف) ويصح أن يعود على الطين ، وحكمة المغايرة بين ما هنا وبين ما يأتي في آخر المائدة أن المتكلم هنا عيسى وهناك الله. قوله : (وفي قراءة طائرا) أي بالإفراد وأما الأولى فهو اسم جمع وهما سبعيتان. قوله : (الخفاش) أي الوطواط. وقوله : (لأنه أكمل الطير خلقا) أي لأن له اسنانا وثديا ، ويحيض كالنساء ويطير من غير ريش ، ولا يبصر إلا في ساعة المغرب وبعد الصبح ، وما بقي من الزمن هو فيه اعمى. قوله : (سقط ميتا) أي ليتميز فعل المخلوق من فعل الخالق. قوله : (الذي ولد اعمى) أي ممسوح العين أم لا وابراؤه للطارىء أولوي.
قوله : (وَالْأَبْرَصَ) هو من به داء البرص وهو داء عظيم يشبه البهق إذا نخس نزل منه ماء قوله : (لأنهما داءا إعياء) أي أعييا الأطباء الذين كانوا في زمنه ، فإن معجزة كل نبي على شكل أهل زمانه ، كموسى فإنه بعث في زمن كثرت فيه السحرة فأعياهم بالعصا واليد البيضاء ، وسيدنا محمد فإنه بعث في زمن العرب البلغاء فأعياهم بالقرآن. قوله : (بشرط الإيمان) أي بالقلب واللسان ، فإن آمن بلسانه فقط لم يشف. قوله : (لنفي توهم الألوهية فيه) أي في عيسى بهذا الوصف الذي لم يشارك الله فيه أحد صورة ، فقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) رد عليهم ، فالمعنى لو كان دليلا على ألوهيته لكان بإذنه. قوله : (عازر) بفتح الزاي. وقوله : (صديقا له) أي عيسى وكان قد تمرض ، فأرسلت أخته لعيسى فأخبرته بمرضه وكان على مسافة ثلاثة أيام ، فجاء فوجده قد مات ودفن ، فذهب مع أخته إلى قبره فدعا بالاسم الأعظم فأحيي وعاش إلى