زائدة (حَسِيباً) (٦) حافظا لأعمال خلقه ومحاسبهم. ونزل ردا لما كان عليه الجاهلية من عدم توريث النساء والصغار (لِلرِّجالِ) الأولاد والأقرباء (نَصِيبٌ) حظ (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) المتوفون (وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ) أي المال (أَوْ كَثُرَ) جعله الله (نَصِيباً مَفْرُوضاً) (٧) مقطوعا بتسليمه إليهم (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) للميراث (أُولُوا الْقُرْبى) ذوو القرابة ممن لا يرث (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) شيئا قبل القسمة (وَقُولُوا) أيها الأولياء (لَهُمْ) إذا كان الورثة صغارا (قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٨) جميلا بأن تعتذروا إليهم أنكم لا تملكونه وأنه للصغار وهذا قيل إنه منسوخ وقيل لا ولكن تهاون الناس في تركه وعليه فهو ندب وعن ابن عباس واجب (وَلْيَخْشَ) أي ليخف على اليتامى (الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) أي قاربوا
____________________________________
فاعل كفى ، فلفظ الجلالة فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائدة ، وفي قوله : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) وعد حسن لمن كان سليما ولم يلتمس من مال اليتيم شيئا ، ولو اتهمه اليتيم بأكله ظلما وعدوانا ، ووعيد لمن أكله وظلمه وإن لم يثبت عليه ذلك.
قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) سبب نزولها أن أوس بن ثابت توفي وترك امرأته واسمها أم كحة وثلاث بنات ، وأقام وصيين واسمهما سويد وعرفجة ولدا عمه ، فأخذا المال جميعه فجاءت المرأة للنبي صلىاللهعليهوسلم وقالت : مات أوس بن ثابت وترك ثلاث بنات ، وأنا امرأته ولم يكن عندي ما أنفقه عليهن ، وترك مالا حسنا ، فأخذه سويد وعرفجة ولم يعطياني ولا بناته شيئا ، فدعاهما النبي فقالا أولادها يركبن فرسا ، ولا يحملن كلا ، ولا ينكين عدوا ، فنزلت هذه الآية ، وبينّ أن الإرث غير مختص بالرجال البالغين ، وأوقف النبي التركة حتى نزلت (يُوصِيكُمُ اللهُ) الآية ، فأعطى الزوجة الثمن ، والبنات الثلثين ، وابني عمه ما بقي. قوله : (الأولاد) أخذه من قوله : (الْوالِدانِ). وقوله : (والأقرباء) أخذه من قوله : (وَالْأَقْرَبُونَ). قوله : (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ) بدل من قوله : (مِمَّا تَرَكَ) قوله : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) مفعول ثان لفعل محذوف قدره بقوله : (جعله الله).
قوله : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) معنى ذلك إذا مات الميت وترك من يرث ومن لا يرث ، وحضر جميعهم قسمة الميراث ، طلب الشارع إعطاء من لا يرث ، وكذا المساكين واليتامى شيئا قبل القسمة جبرا لخاطرهم ، باجتهاد من يقسم التركة بحسب قلة المال وكثرته ، واختلف هل هذا منسوخ هو الحق ، وقيل ليس بمنسوخ ، واختلف على هذا هل الأمر للوجوب أو الندب وهو المعتمد على هذا القول. قوله : (إذا كانت الورثة صغارا) أي أو التركة قليلة.
قوله : (وَلْيَخْشَ) قرأ السبعة بسكون اللام وغيرهم بكسرها وعلى كل اللام للأمر ، وسبب نزولها أنه كان في الجاهلية إذا حضر أحدهم الموت قد حضره جماعة ، حملوه على تفرقة ماله للفقراء والمساكين ، ويحرمون أولاده منه ، فيترتب على ذلك كونهم بعد موته عالة على الناس ويضيعون ، فنزلت الآية تحذيرا لمن يحمل الميت على ذلك من وصي أو غيره ، فإنه كما يدين الفتى يدان ، فكما يتقي الله في يتامى غيره ، فجزاؤه أن يقبض الله له من يتقي الله في أولاده. قوله : (أي ليخفف على اليتامى) المعنى ليخفف الله على اليتامى. قوله : (الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) لو شرطية بمعنى إن ، فنقلت الماضي للاستقبال ، كما قال ابن مالك وجماعة ،