وإن كانت مؤخرة عنه في الوفاء للاهتمام بها (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) مبتدأ خبره (لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) في الدنيا والآخرة فظان أن ابنه أنفع له فيعطيه الميراث فيكون الأب أنفع وبالعكس وإنما العالم بذلك الله ففرض لكم الميراث (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) (١١) فيما دبره لهم أي لم يزل متصفا بذلك (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) منكم أو من غيركم (فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ) وألحق بالولد في ذلك ولد الابن بالاجماع (وَلَهُنَ) أي الزوجات تعددن أو لا (الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) منهن أو من غيرهن (فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها
____________________________________
الثلث. وشرطها أن تكون في معصية ، فلو أوصى بمال يصرف على الكنيسة ، أو على من يشرب الخمر. أو غير ذلك. فلا تنفذ. قوله : (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. فعلى الأولى نائب الفاعل الجار والمجرور. وقال ابن مالك :
وقابل من ظرف أو من مصدر |
|
أو حرف جر بنيابة حرى |
وعلى الثانية الفاعل ضمير يعود على الميت. قوله : (وتقديم الوصية) أي اللفظ ، وإلا فأو لأحد الشيئين لا تقتضي ترتيبا ولا تعقيبا. والمعنى وإرث ما ذكر ، يحصل من بعد وصية إن كانت ، أو دين إن كان. فإن اجتمعت الوصية والدين قدم الدين. قوله : (للاهتمام بها) أي وشأن الوارثة الشح بها. ومنازعة الموصى له بخلاف الدين. قوله : (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ) هذه الجملة معترضة بين قوله : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ) وقوله : (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ). قوله : (أَيُّهُمْ) اسم استفهام مبتدأ و (أَقْرَبُ) خبره. و (لَكُمْ) جار ومجرور متعلق بأقرب ، و (نَفْعاً) تمييز ، والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي تدرون ، والمعنى لا تدرون أقربية نفعهم لكم ويحتمل أنها اسم مفعول موصول اول لتدرون والمفعول الثاني محذوف ، والمعنى لا تدرون هو أقرب لكم نفعا الآباء والأبناء. قوله : (في الدنيا) أي كحسن القيام بالمصالح والإحسان إليه بعد موته ، وقوله : (والآخرة) أي كالشفاعة أو (في الدنيا والآخرة) لما ورد أن أحد الوالدين أو الولدين إذا كان أرفع درجة من الآخر في الجنة ، سأل أن يرفع إليه فيرفع الآخر بشفاعته. قوله : (فظان) إما بالرفع صفة لموصوف محذوف مبتدأ أي فريق ظان ، أو بالجر مجرور برب. وقوله : (فيكون الأب أنفع) أي في الواقع ونفس الأمر. قوله : (وبالعكس) أي وفريق ظان أن أباه أنفع فيعطيه الميراث ، فيكون الابن أنفع. قوله : (فَرِيضَةً) مفعول لفعل محذوف قدره بقوله : (ففرض لكم الميراث) وهو راجع لقوله : (يُوصِيكُمُ) فيحتمل أنه مصدر مؤكد لعامله من لفظه ، ودرج على ذلك المفسر ، أو من معناه تقدير يوصيكم فريضة ، لأن الإيصاء معناه الأمر. قوله : (أي لم يزل متصفا بذلك) دفع به ما قد يتوهّم من كان الاتصاف بذلك في الزمن الماضي وانقطع ، فأفاد أن صفات الله لا تتقيد بزمان فهي للاستمرار ، وبعضهم يجعلها في صفات الله زائدة. قوله : (وَلَكُمْ نِصْفُ) هو أيضا من جملة التفصيل لما أجمل في قوله أولا (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ). قوله : (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَ) أي للزوجات ، والمراد الجنس وقوله : (ولد) أي واحدا ومتعدد ، ذكرا أو أنثى ، فالزوج يأخذ النصف بشرط عدمي. قوله : (أو من غيركم) أي ولو من زنا ، فإن ولد الزنا ينسب لأمه.
قوله : (فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ) هذا مفهوم قوله : (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) صرح به لإفادة الحكم