أمر اليتامى وما بعده (حُدُودُ اللهِ) شرائعه التي حدها لعباده ليعملوا بها ولا يعتدوها (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما حكم به (يُدْخِلْهُ) بالياء والنون التفاتا (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٣) (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ) بالوجهين (ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ) فيها (عَذابٌ مُهِينٌ) (١٤) ذو إهانة روعي في الضمائر في الآيتين لفظ من وفي خالدين معناها (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) الزنا (مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أي من رجالكم المسلمين (فَإِنْ شَهِدُوا) عليهن بها (فَأَمْسِكُوهُنَ) احبسوهن (فِي الْبُيُوتِ) وامنعوهن من مخالطة الناس (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) أي ملائكته (أَوْ) إلى أن (يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (١٥) طريقا إلى الخروج منها أمروا بذلك أول الاسلام ثم جعل لهن سبيلا بجلد البكر مائة وتغريبها ....
____________________________________
(من قتل) أي فلا يرث القاتل من تركة المقتول شيئا كما في الحديث. قوله : (أو اختلاف دين) أي بالإسلام والكفر ، فلا يرث المسلم الكافر ، ولا العكس. قوله : (أورق) أي فلا يرث الرقيق من تركة الحر شيئا ولا بالعكس. قوله : (وما بعده) أي من المواريث والوصايا. قوله : (التي حدها لعباده) أي بينها وفصلها. قوله : (بالياء والنون) أي فهما قراءتان سبعيتان. وقوله : (التفاتا) راجع للنون وهو التفات من الغيبة للتكلم. قوله : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي من تحت قصورها. قوله : (بالوجهين) أي الياء والنون. قوله : (خالِداً فِيها) المراد بالخلود طول المكث إن مات مسلما وعلى حقيقته إن مات كافرا ، وحكمة الإفراد في جانب العذاب أنه كما يعذب بالنار يعذب بالغربة وحكمة الجمع في جانب النعيم أنه كما ينعم بالجنة ينعم باجتماعه مع أحبابه فيها ويزورهم ويزورونه. قوله : (لفظ من) أي فأفرد في قوله : (يُدْخِلْهُ) في الموضعين ، وفي قوله : (وَلَهُ). قوله : (وفي خالدين معناها) أي فجمع. قوله : (وَاللَّاتِي) الخ ، جمع التي وهو اسم موصول مبتدأ. وقوله : (يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) صلته. وقوله : (فَاسْتَشْهِدُوا) خبره وقرن بالفاء لأن المبتدأ أشبه الشرط في العموم ، لأن المبتدأ إذا وقع اسما موصولا ، ووصل بجملة فعلية أشبه الشرط فيقرن خبره بالفاء ، خصوصا إذا أخبر عنه بجملة طلبية. قوله : (مِنْ نِسائِكُمْ) بيان لللاتي. قوله : (أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) أي عدولا ، والعدل هو الذكر الحر المكلف الذي لم يرتكب كبيرة ولا صغيرة خسة ، ولا ما يخل بالمروءة ، وهذه الشهادة على رؤية الزنا وأما الإقرار فيكفي اثنان عليه ، والخطاب في قوله : (فَاسْتَشْهِدُوا) لولاة الأمور كالقضاة والحكام. قوله : (أي من رجالكم المسلمين) أي الأحرار ، وأما النساء والأرقاء والصبيان فلا تقبل شهادتهم ، ويشترط في الشهادة أن تكون متحدة وقتا ورؤية ومكانا ، فلو اختلف شيء من ذلك حد الشهود. قوله : (وامنعوهن من مخالطة الناس) أي الرجال ، وهو عطف علة على معلول. قوله : (أي ملائكته) دفع بذلك ما يقال إن التوفي هو الموت ففيه إسناد الشيء نفسه.
قوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ) أو حرف عطف ، ويجعل معطوف على يتوفى ، فهو داخل في الغاية ، وأشار المفسر لذلك بقوله : (إلى أن) (يَجْعَلَ) ويصح أن تكون أو بمعنى إلا كما في قوله لألزمنك أو تقضيني حقي ، فهو مخرج من قوله : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) فالمعنى إلا أن يجعل الله لهن سبيلا ، فلا تمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت. قوله : (ثم جعل لهن سبيلا) أي بنزول آية النور ، واختلف في هذه الآية ،