في معنى الجمع الآيلة إليه أي صيرها كما في آية أخرى فقضاهن (سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٩) مجملا ومفصلا أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادر على إعادتكم (وَ) اذكر يا محمد (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يخلفني في
____________________________________
لتَكْفُرُونَ) بالذي خلق الأرض في يومين) الآيات ، وعلى ذلك درج المفسر حيث قال أي الأرض وما فيها ، ويحتمل أن ثم للترتيب الذكري بناء على أن الأرض خلقت مكورة ، فبعد ذلك خلقت السماء ثم بعد خلق السماء دحا الأرض وخلق جميع ما فيها ، ويشهد لذلك قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) ثم قال : (والأرض بعد ذلك دحاها) وعلى ذلك درج القرطبي وغيره وهو الحق. قوله : (إِلَى السَّماءِ) أي جهة العلو وأل للجنس. قوله : (فقضاهن) بدل من آية فسوى وصير وقضى بمعنى واحد وكل واحد ينصب مفعولين.
قوله : (سَبْعَ سَماواتٍ) أي طباقا بالإجماع للآية وبين كل سماء خمسمائة عام وسمكها كذلك ، والأولى من موج مكفوف ، والثانية من مرمرة بيضاء ، والثالثة من حديد ، والرابعة من نحاس ، والخامسة من فضة والسادسة من ذهب ، والسابعة زمردة خضراء. قوله : (مجملا ومفصلا) هذا هو مذهب أهل السنة خلافا لمن ينكر علم الله بالأشياء تفصيلا فإنه كافر. قوله : (على خلق ذلك) أي الأرض وما فيها والسموات وما فيها ، وقوله : (وهو) الضمير عائد على اسم الإشارة ، قوله : (وهو أعظم منكم) أي لقوله تعالى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أكبر من خلق الناس ، قوله : (قادر على إعادتكم) هذا هو روح الدليل.
قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) إذ ظرف في محل نصب معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله اذكر أي اذكر يا محمد قصة قول ربك إلخ ، والأحسن أنه معمول لقوله بعد (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها) وقت قول ربك للملائكة إلخ ، لأن إذ إذا وقعت ظرفا لا تكون إلا للزمان ، قوله : (لِلْمَلائِكَةِ) جمع ملك مخفف ملأك وأصله مألك على وزن مفعل مشتق من الألوكة وهي الإرسال دخله القلب المكاني فأخرت الهمزة عن اللام فنقلت حركت الهمزة للساكن قبلها وهو اللام فسقطت الهمزة ، قوله : (إِنِّي جاعِلٌ) يصح أن يكون بمعنى مصير فخليفة مفعول أول وفي الأرض مفعول ثاني قدم لأنه المسوغ للإبتداء بالنكرة في الأصل ، ويصح أن يكون بمعنى خالق فخليفة مفعول وفي الأرض متعلق به ، قوله : (خَلِيفَةً) فعليه بمعنى مفعول أي مخلوف أو بمعنى فاعل أي خالف بمعنى أنه قائم بالخلافة ، وحكمة جعله خليفة الرحمة بالعباد لا لإفتقار الله له ، وذلك أن العباد لا طاقة لهم على تلقي الأوامر والنواهي من الله بلا واسطة ، بل ولا بواسطة ملك ، فمن رحمته ولطفه وإحسانه إرسال الرسل من البشر ، قوله : (وهو آدم) أي فهو البشر والخليفة الأول باعتبار عالم الأجساد ، وأما باعتبار عالم الأرواح فهو سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم قال العارف :
فإني وإن كنت ابن آدم صورة |
|
فلي فيه معنى شاهد بأبوتي |
وهو مأخوذ من أديم الأرض لخلقه من جميع أجزائها وكانت ستين جزءا ، ولذلك كان طباع نبيه ستين طبعا. وكفارة الظهار والصوم ستين ، وعاش من العمر تسعمائة وستين وما مات حتى رأى من أولاده مائة ألف عمروا الأرض بأنواع الصنائع ، والملائكة المخاطبون يحتمل أنهم من النوع المسمى بالجان ،