خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) من الحيض وكل قذر (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٥٧) دائما لا تنسخه شمس هو ظل الجنة (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ) أي ما اؤتمن عليه من الحقوق (إِلى أَهْلِها) نزلت لما أخذ علي رضي الله عنه مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة الحجبي سادنها قسرا لما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم مكة عام الفتح ومنعه وقال لو علمت أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم أمنعه فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم برده إليه وقال هاك خالدة تالدة فعجب من ذلك فقرأ له علي الآية فأسلم وأعطاه عند موته لأخيه شيبة فبقي في ولده والآية وإن وردت على سبب خاص فعمومها معتبر بقرينة
____________________________________
قوله : (وكل قذر) أي كالنفاس وغيره. قوله : (لا تنسخه شمس) أي لعدم وجودها. قال تعالى : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً).
قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) الخطاب للمكلفين لما سيأتي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله : (أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول ثان ليأمر ، والأصل يأمركم تأدية الأمانات ، أو منصوب بنزع الخافض ، لأن حذفه مع أن وإن مطرد ، ويقال في (أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ما قيل فيه لأنه معطوف عليه ، وقوله : (إِذا حَكَمْتُمْ) ظرف له ، ولا يقال يلزم عليه تقديم معمول الصلة عليها ، لأنه يقال إنه ظريف ويغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره. قوله : (من الحقوق) اعلم أن الأمانات ثلاثة أقسام ، الأول : عبادات الله بأن يفعل المأمورات ويجتنب المنهيات ، الثاني : نعمه التي أنعم بها كالسمع والبصر والعافية وغير ذلك فلا يصرفها فيما يغضب الله ، الثالث : حقوق العباد كالودائع وغيرها فيجب على الإنسان تأدية الأمانات مطلقا ، كانت قولية أو فعلية أو اعتقادية ، فالقولية كحفظ القرآن ، والفعلية كحفظ الودائع والعواري ، والاعتقادية كالتوحيد وحسن الظن بالخلق ، وبالجملة فهذه الآية من جوامع الكلم ، وهي بمعنى قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية على التحقيق. قوله : (نزلت لما أخذ علي مفتاح الكعبة الخ) قال البغوي قلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة ، فلما دخل النبي صلىاللهعليهوسلم مكة والفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح ، فطلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم المفتاح قيل له إنه مع عثمان. فطلب منه فأبى وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح ، فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ المفتاح وفتح الباب ، ودخل رسول الله البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح لتجتمع له السقاية والسدانة ، فأنزل الله هذه الآية ، فأمر رسول الله عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر له ، ففعل ذلك ، فقال عثمان أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ، فقال علي لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية فأسلم ، فكان المفتاح معه إلى أن مات ، فدفعه إلى أخيه شيبة فهي في أولادهم إلى يوم القيامة. قوله : (الحجبي) أي الذي يحجب الناس بمعنى يمنعهم من الدخول. قوله : (سادنها) أي خادمها ، وقوله : (قسرا) أي قهرا. قوله : (لما قدم النبي) ظرف لأخذ وكان ذلك في رمضان ، وقوله : (عام الفتح) أي وهو سنة ثمان. قوله : (وقال لو علمت الخ) أي فهو غير مصدق برسالته ، وإلا فذاته إذ ذاك غير خافية على أحد. قوله : (خالدة تالدة) أي مخلدة في المستقبل كما كانت متأصلة فيكم. قوله : (فعمومها معتبرا الخ) أشار بذلك لما قيل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ومحل ذلك إن لم توجد قرينة الخصوص فيكون معتبرا ، كالنهي عن قتل النساء ، فإن