وأشار إلى أبي موسى الأشعري رواه الحاكم في صحيحه (أَذِلَّةٍ) عاطفين (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ) أشداء (عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) فيه كما يخاف المنافقون لوم الكفار (ذلِكَ) المذكور من الأوصاف (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ) كثير الفضل (عَلِيمٌ) (٥٤) بمن هو أهله ونزل لما قال ابن سلام يا رسول الله إن قومنا هجرونا (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٥٥) خاشعون أو يصلون صلاة التطوع (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) فيعينهم وينصرهم (فَإِنَّ حِزْبَ
____________________________________
قوله : (وأشار إلى أبي موسى الأشعري) أي فالقوم الأشعريون ، وقيل هم أبو بكر وأصحابه الذين باشروا قتال المرتدين ، والأقرب أن الآية عامة لأصحاب رسول الله ومن كان على قدمهم إلى يوم القيامة بقرينة التسويف. قوله : (أَذِلَّةٍ) جمع ذليل وقوله : (عاطفين) أشار به إلى أن أذلة مضمن معنى عاطفين لتعديته بعلى ، والمعنى متواضعين لأنهم مغلظين على الكفار ، ومن هذا المعنى قوله تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ). قوله : (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي لإعلاء دينه. قوله : (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) تعريف بالمنافقين ، فإنهم كانوا إذا خرجوا في جيش المسلمين خافوا أوليائهم اليهود لئلا يحصل منهم اللوم لهم. قوله : (ذلِكَ) (المذكور) أي من الأوصاف الستة. قوله : (ونزل لما قال ابن سلام الخ) أي لما أسلم هجره قومه قريظة وبنو النضير.
قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ) الخطاب لعبد الله بن سلام وأتباعه الذين هداهم الله إلى الإسلام ، فلما نزلت هذه الآية ، قال عبد الله بن سلام : رضيت بالله ربا ، وبرسوله نبيا ، وبالمؤمنين أولياء ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل من انتسب لله فهو وليه ، قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). قوله : (وَرَسُولُهُ) أي لأنه الواسطة العظمى في كل نعمة ، وقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) أي لكونهم الإخوان ، فمن تخلى عنه رسول الله أو المؤمنون فهو هالك ، لأن موالاة الثلاثة شرط في صحة الإيمان. قوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) بدل من الذين قبله ، ومعنى إقامة الصلاة أداؤها بشروطها وأركانها وآدابها. قوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) أي الحقوق التي عليهم في أموالهم.
قوله : (وَهُمْ راكِعُونَ) الجملة حالية من يقيمون ويؤتون ، وقوله : (خاشعون) أي فأطلق الركوع وأراد لازمه وهو الخشوع. قوله : (أو يصلون صلاة التطوع) أي فالمراد بالركوع صلاة النوافل وخصها بالذكر ، لأن نفل الصلاة أفضل من نفل غيرها ، وعليه فجملة وهم راكعون معطوفة على ما قبلها ، فتحصل أنه وصفهم بأوصاف ثلاثة : إقامة صلاة الفرائض ، وإيتاء الزكاة ، وصلاة النوافل ، وقيل قوله وهم راكعون حال من فاعل يؤتون الزكاة ، والمراد بها ما يشمل صدقة التطوع والركوع على حقيقته ، والمراد كمال رغبتهم في الإحسان ومسارعتهم إليه ، روي أنها نزلت في علي كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو في الصلاة فنزع خاتمه وأعطاه له.
قوله : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) من اسم شرط ، يتول فعله ، والله مفعول يتول والمعنى يختار الله وليا يعبده ويلتجىء إليه ، ويختار رسوله وليا بأن يؤمن به ويتوسل به ويعظمه ويوقره ، ويختار الذين آمنوا أولياء بأن يعينهم وينصرهم ويوقرهم إذا حضروا ويحفظهم إذا غابوا ، وقوله : (فَإِنَ