السر لعلمهم أنك صادق وفي قراءة بالتخفيف أي لا ينسبونك إلى الكذب (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ) وضعه موضع المضمر (بِآياتِ اللهِ) القرآن (يَجْحَدُونَ) (٣٣) يكذبون (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) فيه تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم (فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) بإهلاك قومهم فاصبر حتى يأتيك النصر بإهلاك قومك (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) مواعيده (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (٣٤) ما يسكن به قلبك (وَإِنْ كانَ كَبُرَ) عظم (عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) عن الإسلام
____________________________________
وجحود. قوله : (في السر) دفع بذلك ما يقال إن بين ما هنا وبين قوله : (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) تنافيا ، وحاصل الجواب أن المنفي التكذيب في السر ، والمثبت التكذيب في العلانية. قوله : (وفي قراءة بالتخفيف) أي مع ضم الياء وسكون الكاف وهي سبعية أيضا. قوله : (أي لا ينسبونك إلى الكذب) هذا يناسب كلا من القراءتين ، والمعنى لا يعتقدون تكذيبك باطنا ، ولذا قال أبو جهل للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنا لا نكذبك ، ولكن نكذب الذي جئت به. قوله : (وضعه موضع المضمر) أي زيادة في التقبيح والتشنيع عليهم. قوله : (يَجْحَدُونَ) الجحد الإنكار مع العلم ، والمعنى أنهم أنكروا آيات الله مع علمهم بأن ما جاء به صدق. قوله : (يكذبونك) أي في العلانية قوله : (فيه تسلية) وذلك لأن البلوى إذا عمت هانت.
قوله : (فَصَبَرُوا) الفاء سببية ، وصبروا معطوف على (كُذِّبَتْ). قوله : (عَلى ما كُذِّبُوا) متعلق بصبروا ، والمعنى صبروا على تكذيبهم. قوله : (وَأُوذُوا) يصح عطفه على كذبت ، والمعنى كذبت وأوذوا فصبروا ، ويصح عطفه على صبروا ، والمعنى كذبت رسل فصبروا وأوذوا مع حصول الصبر منهم ، ويصح عطفه على قوله ما كذبوا ، والمعنى صبروا على تكذيبهم وإيذائهم. قوله : (حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) غاية في الصبر ، والمعنى غاية صبرهم نصر الله لهم. قوله : (مواعيده) أي مواعيد الله بالنصر ، قال تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) ، وقال تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي).
قوله : (وَلَقَدْ جاءَكَ) اللام موطئة لقسم محذوف ، وجاء فعل ماض ، والفاعل محذوف يعلم من السياق قدره المفسر بقوله ما يسكن به قلبك ، وقوله (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) بيان للمحذوف ، ويحتمل أن من زائدة على مذهب الأخفش ونبأ المرسلين فاعل ، ويحتمل أن من اسم بمعنى بعض هي الفاعل ، والمعنى ولقد جاءك بعض أخبار المرسلين الذين كذبوا أوذوا فصبروا ، فتسل ولا تحزن فإن الله ناصرك كما نصرهم.
قوله : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) سبب نزولها : أن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم في نفر من قريش ، فقالوا يا محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل فإنا نصدقك ، فأبى الله أن يأتيهم بآية مما اقترحوا فأعرضوا عنه ، فشق ذلك عليه لما أنه شديد الحرص على إيمان قومه ، فكان إذا سألوه آية يود أن ينزلها الله طمعا في إيمانهم فنزلت. وإن حرف شرط ، وكان فعل ماض فعل الشرط ، واسمها ضمير الشأن ، وكبر فعل ماض ، وإعراضهم فاعله ، والجملة خبر كان ، والأقرب أن إعراضهم اسم كان مؤخرا ، وجملة كبر خبرها مقدم ، وفاعل كبر ضمير يعود على إعراضهم ، وهو وإن كان مؤخرا لفظا إلا أنه مقدم رتبة.