مُهْتَدُونَ) (٨٢) (وَتِلْكَ) مبتدأ ويبدل منه (حُجَّتُنا) التي احتج بها إبراهيم على وحدانية الله من أفول الكواكب وما بعده والخبر (آتَيْناها إِبْراهِيمَ) أرشدناه لها حجة (عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بالإضافة والتنوين في العلم والحكمة (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) في صنعه (عَلِيمٌ) (٨٣) بخلقه (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) ابنه (كُلًّا) منهما (هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) أي قبل
____________________________________
نفسه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس ذلك إنما هو للشرك ، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وهذا ما ذهب إليه أهل السنة ، وذهب المعتزلة إلى أن المراد بالظلم في الآية المعصية لا الشرك ، بناء على أن خلط أحد الشيئين بالآخر يقتضي اجتماعهما ، ولا يتصور خلط الإيمان بالشرك ، لأنهما ضدان لا يجتمعان ، وأجاب أهل السنة بأن الإيمان قد يجامع الشرك ، ويراد بالإيمان مطلق التصديق ، سواء كان باللسان أو بغيره ، وكذا إن أريد به تصديق القلب ، لجواز أن يصدق المشرك بوجود الصانع دون وحدانيته ، كما قال تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) أفاده زاده على البيضاوي.
قوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) أعرب المفسر اسم الاشارة مبتدأ ، وحجتنا بدل منه ، وجملة (آتَيْناها) خبر المبتدأ. وقوله : (عَلى قَوْمِهِ) متعلق بمحذوف حال من الهاء في آتيناها ، وهو أحسن الأعاريب وقيل إن تلك حجتنا مبتدأ وخبر ، وآتيناها خبر ثان ، وعلى قومه متعلق بحجتنا ، واسم الإشارة عائد على قوله (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) إلى هنا ، أو من قوله (كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) إلى هنا. وقوله : (من أفول الكواكب) أي التي هي الزهرة والقمر والشمس. قوله : (وما بعده) أي وهو قوله (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) الخ.
قوله : (آتَيْناها إِبْراهِيمَ) أي بوحي أو الهام. قوله : (حجة) (عَلى قَوْمِهِ) قدره المفسر إشارة إلى أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الهاء في آتيناها. قوله : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) مفعول نشاء محذوف تقديره رفعها. قوله : (بالإضافة والتنوين) أي فهما قراءتان سبعيتان فعلى الإضافة المفعول به هو درجات وعلى التنوين هو من نشاء ، ودرجات ظرف لنرفع ، والتقدير نرفع من نشاء في درجات. قوله : (في العلم والحكمة) قيل هي النبوة ، فالعطف مغاير ، وقيل العلم النافع ، فالعطف خاص على عام اعتناء بشرف نفع العلم وإظهارا لفضله. قوله : (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) أي يضع الشيء في محله ، وهو كالدليل لما قبله ، والمعنى أن الله لا معقب لحكمه ، فيرفع من يشاء ، ويضع من يشاء ، لا اعتراض عليه ، فإنه (حَكِيمٌ) يضع الشيء في محله ، (عَلِيمٌ) لا يخفى عليه شيء.
قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) الخ ، لما أنعم الله على إبراهيم عليهالسلام بالنبوة والعلم ، ورفع درجاته حيث جاهد في الله حق جهاده ، أتم الله عليه النعمة ، بأن وهب له إسحاق ويعقوب وإسماعيل وجعل في ذريته النبوة إلى يوم القيامة ، واسحاق هو من سارة ، وجملة وهبنا معطوفة على قوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) عطف فعلية على اسمية ، والمقصود من تلاوة هذه النعم على محمد تشريفه ، لأن شرف الوالد يسري للولد. قوله : (كُلًّا هَدَيْنا) أي للشرع الذي أوتيه. قوله : (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) نوح هو ابن لمك بفتح اللام وسكون الميم وبالكاف ، وقيل ملكان بفتح الميم وسكون اللام ، وبالنون بعد الكاف ابن