من أهله وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قالَ) تعالى (وَ) أرزق (مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ) بالتشديد والتخفيف في الدناي بالرزق (قَلِيلاً) مدة حياته (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ) ألجئه في الآخرة (إِلى عَذابِ النَّارِ) فلا يجد عنها محيصا (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٢٦) المرجع هي (وَ) اذكر (إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ) الأسس أو الجدر (مِنَ الْبَيْتِ) يبنيه متعلق بيرفع (وَإِسْماعِيلُ) عطف على إبراهيم يقولان (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) بناءنا (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) للقول
____________________________________
بمكان يسمى الحرة أقفر مشهور بالشام كذا قيل. قوله : (وَ) (أرزق) (مَنْ كَفَرَ) هذا يسمى عطفا تلقينيا. قوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) جملة استئنافية لإنشاء الذم ، وليست معطوفة على ثم أضطره. قوله : (هي) هذا هو المخصوص بالذم ، والحاصل أن إبراهيم لما قال الله له إني جاعلك للناس إماما طلب أن يكون من ذريته من هو كذلك ، فأجابه الله بأنه لا ينال عهده الظالمين ، فلما بنى البيت ودعا لأهله بالرزق من الثمرات ، خصص دعوته بالمؤمن منهم قياسا منه الرزق على الإمامة وخوفا من رد دعوته إذا عم فلقنه الله قوله : (ومن كفر) أي فالمؤمن والكافر سواء في الرزق الدنيوي ، وأما في الإمامة فليسوا سواء.
قوله : (وَ) (اذكر) أي يا محمد وقت رفع إبراهيم القواعد. قوله : (الْقَواعِدَ) جمع قاعدة وهي حجارة كبار كل حجر قدر البعير ، والمراد برفع القواعد بناء البيت ورفعه عليها. قوله : (الأسس) جمع أساس وهي القواعد وقوله : (والجدر) جمع جدار وهي الأسس فالعطف مرادف. وقصة بناء البيت أن الله لما خلق الماء قبل الأرض بألفي عام ، كان ذلك البيت زبدة بيضاء على وجه الماء ، فدحيت الأرض وبسطت وامتدت من تلك الزبدة ، فلما أهبط آدم إلى الأرض استوحش إلى ذكر الله ، فأنزل الله البيت المعمور وهو من ياقوتة حمراء له بابان من زمردة خضراء ، باب بالمشرق وباب بالمغرب ، ووضع موضع الزبدة فكان يأتيه ماشيا من الهند ، ورد أنه حجه ماشيا أربعين عاما فلما فرغ قالت الملائكة : لقد بر حجك يا آدم ، فلما جاء الطوفان أمر برفعه إلى السماء السابعة فكان موضع البيت خاليا إلى زمن إبراهيم ، وبعث الله جبريل حين رفعه فخبأ الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق هكذا قيل ، والمشهور أن أول من بناه الملائكة ثم آدم ثم شيث ، واستمر حتى جاء طوفان نوح فأذهب رسومه الظاهرية لا قواعده لأنها ثابتة متصلة بالأرض السابعة ، ثم أتى جبريل بالحجر الأسود وألقمه جبل أبي قيس ، فلما أتى إبراهيم وأراد بناءه جاءه جبريل وحدده له وأعلمه بالحجر فبناه على طبق ما رأى من القواعد ، ثم بناه بعده العمالقة ثم جرهم ثم قصي ثم قريش ، وكان الواضع للحجر الأسود في محله النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقصر بهم النفقة فلم يتموا بناءه على قواعد إبراهيم بل نقضوه وأخرجوا الحجر منه ، ثم ابن الزبير وقد رده لقواعد إبراهيم مستدلا بحديث عن عائشة : لو لا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت البيت على قواعد إبراهيم ، ثم لما تولى الحجاج عامله الله بعدله حارب ابن الزبير وقتله وهدم البيت بالمنجنيق وبناه كما بنته قريش وهو الآن على بنائه ، ونظمهم بعضهم فقال :
بنى بيت رب العرش عشر فخذهم |
|
ملائكة الله الكرام وآدم |
فشيث فإبراهيم ثم عمالق |
|
قصي قريش قبل هذين جرهم |
وعبد الإله بن الزبير بني كذا |
|
بناء لحجاج وهذا متمم |