أي أهلكه (فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) القضاء بهلاك من هو كذلك وهو أبو جهل ومن قتل معه دون النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (وَإِنْ تَنْتَهُوا) عن الكفر والحرب (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا) لقتال النبي صلىاللهعليهوسلم (نَعُدْ) لنصره عليكم (وَلَنْ تُغْنِيَ) تدفع (عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) جماعاتكم (شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٩) بكسر إن استئنافا وفتحها على تقدير اللام (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا) تعرضوا (عَنْهُ) بمخالفة أمره (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) (٢٠) القرآن والمواعظ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٢١) سماع تدبر واتعاظ وهم المنافقون أو المشركون (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُ) عن سماع الحق (الْبُكْمُ) عن النطق به (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (٢٢) (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً) صلاحا بسماع الحق (لَأَسْمَعَهُمْ) سماع تفهم (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) فرضا وقد علم أن لا خير فيهم (لَتَوَلَّوْا) عنه (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣) عن قبوله عنادا وجحودا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) بالطاعة (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) من أمر
____________________________________
الغداة) الحين ، بالفتح الهلاك ، حان الرجل : هلك ، وأحانه الله : أهلكه ، والغداة ظرف للحين أي أهلكه فيما يستقبل. قوله : (وفتحها على تقدير اللام) أي فهما قراءتان سبعيتان ، أي واللام المقدرة للتعليل.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) أي دوموا على طاعته وعلى عدم التولي يدم لكم العز الذي حصل ببدر. قوله : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ) إلخ نزلت في جماعة من بني عبد الدار بن قصي ، كانوا يقولون : نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد ، وتوجهوا مع أبي جهل حاملين اللواء لقتال النبي وأصحابه ببدر ، فقتلوا جميعا ، ولم يسلم منهم إلا اثنان ، مصعب بن عمير ، وسبيط بن حرملة ، والدواب في اللغة ما دب على وجه الأرض ، عاقلا أو غيره ، وفي العرف ، مخصوص بالخيل والبغال والحمير ، وفي الآية غاية الذم لهم ، بأنهم أشر من الكلب والخنزير والحمير. قوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً) هذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم على عدم إيمانهم ، ولو حرف امتناع لامتناع ، والمعنى امتنع سماعهم الخير ، سماع تفهم لامتناع علم الخير فيهم.
قوله : (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) هذا ترق في التسلية ، والمعنى لو فرض أن الله أسمعهم سماع تفهم ، لتولوا وهم معرضون عنه عنادا فلا تحزن على كفرهم ، فإن كفرهم ثابت مطلقا ، فهموا الحق أولا ، هذا حاصل معنى الآية ، واستشكل ظاهرها بأن الآية دلت على القياس ، حاصله لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ، ولو أسمعهم لتولوا ، ينتج : لو علم الله فيهم خيرا لتولوا وهو فاسد ، إذ لو علم الله الخير فيهم لآمنوا ولم يكفروا ، وأجيب بجوابين ، الأول : أن الحد المكرر لم يتحد معنى ، وشرط الإنتاج اتحاده معنى ، لأن المراد بالإسماع الأول الموجب للفهم والإذعان ، والإسماع الثاني للفهم من غير إذعان. الثاني : أن الكلام تم عند قوله : (لَأَسْمَعَهُمْ) وقوله : (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) ترق في التشنيع عليهم ، فالمعنى هم لم يؤمنوا ولم ينقادوا عند التفهم على فرض حصوله ، فعدم إيمانهم عند عدمه أولوي ، نظير لو لم يخف الله لم يعصه ، ولكن توليهم عند ظهور الحق عناد وجحود ، وعند عدمه جهل.
قوله : (اسْتَجِيبُوا) السين والتاء زائدتان للتوكيد. قوله : (إِذا دَعاكُمْ) أفرد لأن دعوة الرسول في الحقيقة هي لله ، وذكر الرسول أولا ، لأنه المبلغ عن الله ، فعدم طاعته مخالفة لله. قوله : (لِما يُحْيِيكُمْ)