(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا) أدفعه (وَلا نَفْعاً) أجلبه (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أن يقدرني عليه فكيف أملك لكم حلول العذاب (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) مدة معلومة لهلاكهم (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ) يتأخرون عنه (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤٩) يتقدمون عليه (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ) أي الله (بَياتاً) ليلا (أَوْ نَهاراً ما ذا) أي شيء (يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ) أي العذاب (الْمُجْرِمُونَ) (٥٠) المشركون فيه ، وضع الظاهر موضع المضمر ، وجملة الاستفهام جواب الشرط كقولك إذا أتيتك ماذا تعطيني ، والمراد به التهويل أي ما أعظم ما استعجلوه (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ) حل بكم (آمَنْتُمْ بِهِ) أي الله أو العذاب عند نزوله ، والهمزة لإنكار التأخير فلا يقبل منكم ويقال
____________________________________
يكون بسبب فعل يقتضيه. قوله : (وَيَقُولُونَ) أي كفار مكة. قوله : (مَتى هذَا الْوَعْدُ) أي الذي تعدنا به ، وهذا القول منهم على سبيل الاستهزاء والسخرية ، قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) خطاب للنبي والمؤمنين.
قوله : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا) إلخ. أي لا استطيع أن أدفع الضر ، إن أراد الله نزوله بي ، ولا أستطيع جلب نفع أراد الله منعه عني. قوله : (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) يحتمل أن يكون متصلا ، والتقدير إلا ما شاء الله أن أملكه وأقدر عليه ، أو منقطعا ، والتقدير لكن ما شاء الله من ذلك ، فإني أملك لكم الضر وأجلب العذاب.
قوله : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) هذا من جملة ما أجابهم به ، والمعنى حيث كان لكل أمة أجل محدود لا تتعداه ، فلا معنى لاستعجالكم العذاب. قوله : (يتأخرون) إلخ. أشار بذلك إلى أن السين في (يَسْتَأْخِرُونَ) و (يَسْتَقْدِمُونَ) زائدة ، والمعنى أنه إذا جاء الأجل الذي قدره الله لكل أمة ، فلا يتأخرون عنه ولا يتقدمون عليه إن لم يجىء. إن قلت : ورد أن الصدقة تزيد في العمر ، فالجواب : أن المراد بالزيادة البركة ، لأن الأجل الذي سبق في علم الله لا يتغير.
قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي قل للذين يستعجلون العذاب. قوله : (موضع المضمر) أي وهو الواو التي مع تاء المخاطب ، والتقدير ماذا تستعجلون ، وعدل عنه لأجل الوصف بالإجرام تبكيتا عليهم. قوله : (وجملة الاستفهام جواب الشرط) أي تقدير الفاء ، لأن الجملة اسمية. قوله : (والمراد به) أي الاستفهام. قوله : (لإنكار التأخير) أي المستفاد من ثم ، والتقدير أأخرتم ثم آمنتم به إذا وقع. والمعنى لا ينبغي هذا التأخير ، لأن الإيمان في هذه الحالة غير نافع.
قوله : (آلْآنَ) منصوب على الظرفية ، والعامل فيه محذوف قدره المفسر بقوله : (تؤمنون) والفعل المقدر معمول على إضمار القول ، وهو يقال لكم آلآن بهمزتين ، الأولى همزة الاستفهام ، والثانية همزة أل المعرفة ، فإذا اجتمع هاتان الهمزتان وجب في الثانية ، إما تسهيلها أو مدها بقدر ثلاث ألفات ، وهما قراءتان سبعيتان ، وقد وقع ذلك في القرآن في ستة مواضع : اثنان في الانعام (آلذَّكَرَيْنِ) مرتين ، وثلاثة في هذه السورة (آلْآنَ) مرتين ، و (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) ، وواحد في النمل (اللهُ خَيْرٌ) ، وأما تحقيق الهمزتين فلا