وخلقا (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ) يعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره أصناما (شُرَكاءَ) له على الحقيقة تعالى عن ذلك (إِنَ) ما (يَتَّبِعُونَ) في ذلك (إِلَّا الظَّنَ) أي ظنهم أنها آلهة تشفع لهم (وَإِنْ) ما (هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٦٦) يكذبون في ذلك (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) إسناد الإبصار إليه مجاز لأنه يبصر فيه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) دلالات على وحدانيته تعالى (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٧) سماع تدبر واتعاظ (قالُوا) أي اليهود والنصارى ومن زعم
____________________________________
على ما قدموا من خير وشر. قوله : (وينصرك) أي على من عاداك ، وهذا يقال لكل من سلك طريقة سيد المرسلين وعمل بمقتضاها ، وتعرض له الحساد بالإيذاء ، فيقال له يحزنك قولهم وعيبهم وحسدهم ، لأن العزة مملوكة وثابتة لله يعطيها لمن أراد ، فلا تنزعج منهم ولا تلتفت لهم.
قوله : (أَلا) أداة تنبيه. قوله : (مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) من واقعة على العاقل ، فالمراد بمن في السموات والملائكة ، وبمن في الأرض الإنس والجن ، وخصهم بالذكر لشرفهم ، وليعلم أن غيرهم من باقي المخلوقات ، مملوكون لله بالطريق الأولى ، وهذا هو الحكمة في تعبيره في الآية الأولى بما وفي هذه الآية بمن ، أو يقال في الحكمة : إن التغاير إشارة إلى أن الخلق جميعا في قبضته ، ومملوكون له سبحانه وتعالى ، فإن ما مستعملة في غير العاقل كثيرا ، ومن بالعكس ، فأفاد أن جميع ما في السموات وما في الأرض ، مملوكون له حقيقة.
قوله : (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ ما) نافية ، و (يَتَّبِعُ) فعل مضارع ، و (الَّذِينَ) فاعل ، و (يَدْعُونَ) صلته ، و (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلق بيدعون ، و (شُرَكاءَ) مفعول (يَتَّبِعُ) ومفعول (يَدْعُونَ) محذوف قدره المفسر بقوله : (أصناما) والمعنى لا يتبع الذين يعبدون غير الله أصناما شركاء حقيقة ، فالمنفي كونها شركاء حقيقة ، وأما ادعاؤهم الشركة لله فثابت ، وهذا نتيجة قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) فيصير المعنى حيث ثبت أن له جميع ما في السموات وما في الأرض عقلاء وغيرهم ، تحقق وثبت أنه ليس له شريك أصلا ، إذ ليس شيء مما جعلوه إلها خارجا عن السموات والأرض ، فكيف يكون المملوك شريكا تعالى الله عن ذلك.
قوله : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي لأنهم مقلدون لآبائهم ، حيث قالوا : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ). قوله : (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) هذا من حصر الموصوف في الصفة ، أي ليس لهم صفة إلا الكذب ، والخرص في الأصل الحرز والتخمين ، والمراد منه هنا الكذب ، كما أفاده المفسر. قوله : (يكذبون في ذلك) أي اتباعهم الظن. قوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) هذا من جملة الأدلة القطعية ، على أنه واحد لا شريك له ، وفي هذه الآية احتباك ، حيث حذف من كل نظير ما أثبته في الآخر ، فحذف من الأول وصف الليل وهو مظلما وذكر حكمته ، وحذف من الثاني الحكمة وذكر وصفه ، والأصل هو الذي جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه ، والنهار مبصرا لتبتغوا وتتحركوا فيه. قوله : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) أي لتستريحوا من تعب النهار. قوله : (مجاز) أي عقلي من الإسناد للظرف.
قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي الجعل المذكور. قوله : (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بذلك. قوله : (أي اليهود) أي حيث قالوا : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) ، وقوله : (والنصارى) أي قالوا : (الْمَسِيحُ ابْنُ