فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) اعزموا على أمر تفعلونه بي (وَشُرَكاءَكُمْ) الواو بمعنى مع (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) مستورا بل أظهروه وجاهروني به (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) امضوا فيما أردتموه (وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١) تمهلون فإني لست مباليا بكم (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن تذكيري (فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) ثواب عليه فتولوا (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) ثوابي (إِلَّا عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) السفينة (وَجَعَلْناهُمْ) أي من معه (خَلائِفَ) في الأرض (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بالطوفان (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣) من إهلاكهم فكذلك نفعل بمن كذبك (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ) أي نوح (رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) كإبراهيم وهود
____________________________________
قوله : (فَأَجْمِعُوا) هذا هو جواب الشرط ، وجملة (فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) اعتراض بين الشرط وجوابه ، ولا يصح أن تكون جوابا ، لأن لا يحسن ترتبها على الشرط ، إذ هو متوكل على الله دائما ، وأجمعوا بهمزة القطع هنا باتفاق السبعة ، وهو يتعدى بنفسه وبحرف الجر ، وأما ما يا أتي في طه في قوله : (فأجمعوا كيدكم) فبهمزة الوصل والقطع قراءتان سبعيتان ، فأجمع بهمزة القطع ، مستعمل في المعاني كثيرا ، وبهمزة الوصل في الأجسام كثيرا ، يقال : أجمعت أمري ، وجمعت جيشي. قوله : (اعزموا) أي صمموا ولا تترددوا. قوله : (على أمر تفعلونه) أي كهلاكي. قوله : (الواو بمعنى مع) أي فشركاءكم منصوب على المعية ، لا معطوف على أمركم ، لأن الشركاء ذوات ، لا يتسلط عليه أجمعوا إلا بقلة ، ويصح النصب بإضمار فعل لائق ، والتقدير فأجمعوا أمركم ، واجمعوا شركاءكم ، بهمزة الوصل على حد : علفتها تبنا وماء باردا ، أو بقدر مضاف في المعطوف ، والتقدير أمر شركائكم.
قوله : (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) أي لا يكن أمركم مخفيا ، بل أظهروا ما في ضمائركم ، فإني لست مباليا بكم ، لأن توكلي على ربي ، فالغمة مأخوذة من قولهم : غم الهلاك إذا خفي على الناس. قوله : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) أي أدوا إلي ما اردتموه وأوصلوه لي ، وقرىء شذوذا ثم أفضوا إلي بقطع الهمزة وبالفاء ، من أفضى بالشيء ، إذا انتهى إليه وأسرع ، والمعنى ثم أسرعوا إلي بما عزمتم عليه. قوله : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي دمتم على التولي والكفر ، وجواب الشرط محذوف تقديره فلا ضرر على ، وقوله : (فَما سَأَلْتُكُمْ) إلخ ، تعليل لذلك المحذوف. قوله : (ثواب عليه) أي على التذكير. قوله : (فتولوا) منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية ، وفيه حذف إحدى التاءين ، والأصل فتولوا. قوله : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) أي ثوابي عليه لا على غيره ، فأطلبه منه ، قوله : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي المنقادين لامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، في نفسي وتبليغ غيري.
قوله : (فَكَذَّبُوهُ) أي داموا واستمروا على تكذيبه. قوله : (فَنَجَّيْناهُ) أي أعقبنا تكذيبه النجاة له ولمن آمن معه. قوله : (وَمَنْ مَعَهُ) أي من الإنس ، وكانوا أربعين رجلا ، وأربعين امرأة. قوله : (فِي الْفُلْكِ) تقدم أنه يستعمل مفردا وجمعا. قوله : (وَجَعَلْناهُمْ) أي صيرناهم قوله : (وَأَغْرَقْنَا) إنما أخره ذكره ، والإنجاء إشارة إلى أن الرحمة سابقة على الغضب ، ولتعجيل المسرة لمن يمتثل الأمر. قوله : (فكذلك نفعل بمن كذبك) هذا هو المقصود من ذكر هذه القصص. قوله : (رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) أي فكل رسول