(عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (١٠٠) يتدبرون آيات الله (قُلِ) لكفار مكة (انْظُرُوا ما ذا) أي الذي (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) جمع نذير أي الرسل (عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠١) في علم الله أي ما تنفعهم (فَهَلْ) فما (يَنْتَظِرُونَ) بتكذيبك (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم أي مثل وقائعهم من العذاب (قُلْ فَانْتَظِرُوا) ذلك (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (١٠٢) (ثُمَّ نُنَجِّي) المضارع لحكاية الحال الماضية (رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) من العذاب (كَذلِكَ) الإنجاء (حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٣) النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه حين تعذيب المشركين (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ) أي أهل مكة (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) أنه حق (فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره وهو الأصنام لشككم فيه (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) يقبض أرواحكم (وَأُمِرْتُ أَنْ) أي بأن (أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٤) (وَ) قيل لي (أَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) مائلأ إليه (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ
____________________________________
أن تؤمن في حال من الأحوال ، إلا في حال إرادة الله الإيمان لها. قوله : (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) معطوف على محذوف ، والتقدير فيريد الله الإيمان للبعض ويجعل الرجس ، إلخ. قوله : (قُلِ انْظُرُوا) بضم اللام وكسرها ، قراءتان سبعيتان ، فالضم على نقل ضمة الهمزة إلى اللام ، والكسر على أصل التخلص ، والمعنى تفكروا وتأملوا واتعظوا. قوله : (من الآيات) بيان لما. قوله : (وَما تُغْنِي الْآياتُ) أي المذكورة في قوله : (ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ففي الكلام إظهار في مقام الإضمار ، والمعنى لا تنفع الآيات والنذر قوما لا يؤمنون. قوله : (أي مثل وقائعهم من العذاب) أي وهو القتل بالسيف. قوله : (فَانْتَظِرُوا) (ذلك) أي مثل وقائع الأمم السابقة.
قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي) بالتشديد باتفاق العشرة ، وثبوت الياء لفظا وخطا. قوله : (رُسُلَنا) أي على سبق على محمد. قوله : (كَذلِكَ) صفة لمصدر محذوف ، أي إنجاء مثل ذلك الإنجاء ، والعامل فيه (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) و (حَقًّا عَلَيْنا) جملة معترضة بين العامل والمعمول. قوله : (نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) بالتخفيف والتشديد ، تحذف منه الياء لفظا وخطا. قوله : (حين تعذيب المشركين) أي في الدنيا والآخرة. قوله : (أي أهل مكة) أي الكفار المعارضون. قوله : (مِنْ دِينِي) أي الذي جئت به عن ربي قوله : (إنه حق) بدل من ديني ، والمعنى إن كنتم في شك من حقية ديني وصحته ، فلا أعبد الخ. قوله : (لشككم فيه) أي في دين الحق ، أي فالحامل لكم على عبادة غير الله ، شككم في حقيقة ديني ، وأما أنا فليس عندي شك في حقّيته فلذلك لا أعبد غير الله ، فكفرهم بالشك لأنه لا يا أتي منهم إنكار كون الله حقا ، ودين الإسلام حقا ، على سبيل الجزم بذلك ، لقيام الأدلة العقلية على ذلك. قوله : (الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) خص هذا الوصف بالذكر ، تهديدا وتخويفا لهم.
قوله : (أَنْ أَكُونَ) أن مصدرية مجرورة بالباء المقدرة كما قال المفسر ، أي بكوني من المؤمنين المصدقين بما جاء من عند الله ، لأنه مرسل لنفسه ، فهو واجب عليه الإيمان بما أرسل به. قوله : (أَنْ أَقِمْ) قدر المفسر القول إشارة إلى أن (أَنْ) وما دخلت عليه ، في محل نصب مقول لذلك القول. قوله : (مائلا إليه) أي مخلصا له العمل ظاهرا وباطنا ، فعلى المكلف أن يتخلق بخلق رسول الله ، بأن لا يميل