خَبِيرٍ) (١) أي الله (أن) أي بأن (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ) بالعذاب إن كفرتم (وَبَشِيرٌ) (٢) بالثواب إن آمنتم (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) من الشرك (ثُمَّ تُوبُوا) ارجعوا (إِلَيْهِ) بالطاعة (يُمَتِّعْكُمْ) في الدنيا (مَتاعاً حَسَناً) بطيب عيش وسعة رزق (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو الموت (وَيُؤْتِ) في الآخرة (كُلَّ ذِي فَضْلٍ) في العمل (فَضْلَهُ) جزاءه (وَإِنْ تَوَلَّوْا) فيه حذف إحدى التاءين أي تعرضوا (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (٣) هو يوم القيامة (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤) ومنه الثواب والعذاب. ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحيي أن يتخلى أو يجامع فيفضي إلى السماء ، وقيل في المنافقين (أَلا إِنَّهُمْ
____________________________________
كريم الأصل ، ثم كريم الفعل ، ويحتمل أنها للترتيب الزماني بحسب النزول لأنها أحكمت أولا حين نزلت جملة واحدة ، ثم فصلت ثانيا ، بحسب الوقائع. قوله : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) صفة ثانية لكتاب ، وفيه طباق حسن ، لأن حكيم يناسب أحكمت ، وخبير يناسب فصلت ، ويصح أن يكون من باب التنازع ، أعمل الأول وهو أحكمت ، وأضمر في الثاني وحذف ، والأحسن الأول.
قوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا) الأحسن أن «أن» تفسيرية لوجود ضابطها ، وهو تقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه ، وهو قوله : (ثُمَّ فُصِّلَتْ). قوله : (مِنْهُ) يصح عود الضمير على الله ، أو على الكتاب. قوله : (إن كفرتم) أي دمتم على الكفر. قوله : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا) عطف على قوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا) والسين والتاء للطلب ، والمعنى اسألوه الغفران لذنوبكم فيما مضى ، وقوله : (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي في المستقبل ، لأن شرط التوبة الندم على ما فات ، والإقلاع في الحال ، والعزم على عدم العود في المستقبل ، فلا يقال : إن الاستغفار هو التوبة ، بل بينهما التغاير.
قوله : (يُمَتِّعْكُمْ) جواب الأمر. قوله : (بطيب عيش) أي في أمن وراحة ورضا ، فمن تاب في ذنوبه وأخلص عبادة ربه عاش في أمن وراحة ورضا ، وإن ضيقت عليه الدنيا ، فهي رفع درجات له ، بوجود رضا الله عليه ، ومن لم يتب وأصر على المعاصي والكفر ، عاش في خوف ونصب وسخط ، وإن وسعت عليه ملاذ الدنيا ، ألا لا خير في عيش بعده النار ، وحينئذ فلا ينافي هذا ، كون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. قوله : (فيه حذف إحدى التاءين) أي والأصل تتولوا. قوله : (أي تعرضوا) أي عن الأوامر والنواهي ، وتدوموا على الكفر ، وجواب الشرط محذوف ، والتقدير فلا تلوموا إلا أنفسكم ، وقوله : (فَإِنِّي أَخافُ) إلخ تعليل للجواب المحذوف.
قوله : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) أي فلا مفر لكم منه. قوله : (ومنه الثواب) أي من الشىء المقدور عليه. قوله : (فيمن كان يستحيي) أي من المسلمين. قوله : (أن يتخلى) أي يقضي حاجته من البول والغائط. قوله : (فيفضي) معطوف على (يتخلى) وتنزيل الآية على حكم هذا القول ، باعتبار تعليم التوحيد والمراقبة ، كأن الله يقول لهم : لا تظنوا أن تغطيتكم تحجبكم عن الله ، بل الله يعلم ما تسرون وما تعلنون ، فلا ينافي أن التغطية عند التخلي والجماع مندوبة ، وليس المراد ذمهم على هذا الفعل ، إذ هو مطلوب حياء من الله والجن والملائكة. قوله : (وقيل في المنافقين) قال ابن عباس : نزلت في الأخنس بن شريق في منافقي مكة ، وكان رجلا طلق الكلام ، حلو المنظر ، وكان يلقى رسول الله بما يحب ، وينطوي