الكافر (مِنَّا رَحْمَةً) غنى وصحة (ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) قنوط من رحمة الله (كَفُورٌ) (٩) شديد الكفر به (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ) فقر وشدة (مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ) المصائب (عَنِّي) ولم يتوقع زوالها ولا شكر عليها (إِنَّهُ لَفَرِحٌ) بطر (فَخُورٌ) (١٠) على الناس بما أوتي (إِلَّا) لكن (الَّذِينَ صَبَرُوا) على الضراء (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في النعماء (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (١١) هو الجنة (فَلَعَلَّكَ) يا محمد (تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) بتلاوته عليهم لأجل (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) يصدقه كما اقترحنا (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) فلا عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما اقترحوه (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (١٢) حفيظ فيجازيهم (أَمْ) بل أ(يَقُولُونَ افْتَراهُ) أي
____________________________________
والتقدير ألا ليس هو أي العذاب ، مصروفا عنهم يوم يأتيهم العذاب ، ففي هذه الآية تقدم معمول خبر ليس عليها. قوله : (من العذاب) بيان لما.
قوله : (ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ) أي أخذناه قهرا. قوله : (قنوط) أي لقلة صبره وعدم رجائه في ربه. قوله : (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) أي على حسب عادة الدهر ، ولا ينظر لفضل الله في ذلك ، فهو مغضوب عليه على كل حال. قوله : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) مستثنى من قوله : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ) إلخ ، وقد أشار المفسر ، إلى أن هذا الاستثناء منقطع ، حيث عبر بلكن ، ويصح أن يكون متصلا ، باعتبار أن المراد بالإنسان الجنس لا واحد بعينه. قوله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي لذنوبهم. قوله : (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي عظيم مدخولهم في الآخرة.
قوله : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) لعل تأتي للترجي في الأمر المحبوب ، كما تقول : لعل الحبيب قادم ، وتأتي للتوقع في الأمر المكروه ، كما تقول : لعل العدو قادم ، والآية من هذا الثاني ، غير أن التوقع ليس على بابه ، إذ مستحيل على رسول الله كتم بعض ما أمر بتبليغه والعزم على ذلك ، بل المقصود منه الاستفهام الإنكاري ، والتحضيض على التبليغ ، مع عدم المبالاة بمن عاداه ، كأن الله يقول لنبيه : بلغ ما أمرت به ، ولو كره المشركون ذلك ، ولا تترك التبليغ محافظة على عدم استهزائهم ، وذلك أن رسول الله ، كان إذا قرأ آية فيها سب المشركين وآلهتهم ، نفروا وقالوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدله ، ونحن نتبعك ، فرد الله عليهم ذلك ، حيث حضه على التبليغ ، ونهاه عن الكتم. قوله : (بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) أي وهو ما فيه سب آلهتهم.
قوله : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) أي لا يكن منك ضيق صدر ، بسبب استهزاء الكفار بك ، فإن الله حافظك وناصرك عليهم وخاذلهم. قوله : (أَنْ يَقُولُوا) أي فقد قالوا : إن كنت صادقا في الرسالة من عند الله الذي تصفه بالقدرة التامة ، وأنك حبيبه وعزيز عنده ، مع أنك فقير ، فهلا أنزل عليك ما تستغني به أنت وأصحابك؟ وهلا أنزل. عليك ملك يشهد لك بالرسالة؟ قوله : (كَنْزٌ) أي مال كثير ، وسمي بذلك لأن شأنه أن يكنز. قوله : (فلا عليك إلا البلاغ) أي فلا تبال بقولهم ، ولا تغنم منهم. قوله : (حفيظ) أي فيحفظك ويجازيهم.