أسلموا (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) بأن أصر على الشرك ، وقيل هي في المرائين (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ) أي جزاء ما عملوه من خير كصدقة وصلة رحم (فِيها) بأن نوسع عليهم رزقهم (وَهُمْ فِيها) أي الدنيا (لا يُبْخَسُونَ) (١٥) ينقصون شيئا (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ) بطل (ما صَنَعُوا) ه (فِيها) أي الآخرة فلا ثواب له (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦) (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) بيان (مِنْ رَبِّهِ) وهو النبي صلىاللهعليهوسلم أو المؤمنون وهي القرآن (وَيَتْلُوهُ) يتبعه (شاهِدٌ) له يصدقه (مِنْهُ) أي من الله وهو جبريل (وَمِنْ قَبْلِهِ) أي القرآن (كِتابُ مُوسى) التوراة شاهد له أيضا (إِماماً وَرَحْمَةً) حال كمن ليس كذلك لا (أُولئِكَ) أي
____________________________________
قوله : (نُوَفِ) بالنون مبنيا للفاعل وفيه ضمير يعود على الله ، وبالياء مبنيا للمفعول و (أَعْمالَهُمْ) بالرفع نائب فاعل ، والفاء مشددة على كل حال قراءتان : الأولى سبعية ، والثانية شاذة. قوله : (أي جزاء ما عملوه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله : (بأن نوسع عليهم رزقهم) أي فهذا جزاء أعمالهم الحسنة في الدنيا ، وأما في الآخرة فليس لهم في نظير ذلك شيء ، قال تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) فجزاء الآخرة بالجنة ونعيمها مخصوص بالمؤمن. قوله : (فلا ثواب له) أي لأنهم استوفوا في الدنيا جزاء أعمالهم الحسنة ، فليس لهم في الآخرة إلا العذاب ، قال تعالى (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ). قوله : (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي في الدنيا من الخيرات.
قوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) لما تقدم ذكر أوصاف أهل الدنيا الغافلين عن الآخرة وعاقبة أمرهم ذكر أوصاف أهل الآخرة ، الذين يريدون بأعمالهم وجه ربهم ، واسم الموصول مبتدأ خبره محذوف ، قدره المفسر فيما يأتي بقوله : (كمن ليس كذلك) وجواب الاستفهام محذوف قدره بقوله : (لا) وقد صرح بهذين المحذوفين في قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ). قوله : (بيان) أي نور واضح ودليل ظاهر ، وذلك نظير قوله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ). قوله : (وهو النبي) أي وعليه فالجمع للتعظيم في قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، وقوله : (أو المؤمنون) والجمع فيها ظاهر ، وفي نسخة والمؤمنون ، وهي ظاهرة. قوله : (وهو القرآن) تفسير للبينة ، وقد أخذ هذا التفسير مما يأتي في سورة البينة في قوله تعالى : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ).
قوله : (وَيَتْلُوهُ) الضمير عائد على من. قوله : (وهو جبريل) تفسير للشاهد ، والمعنى من كان متمسكا بالحق ، والحال أنه يتبعه شاهد من الله يصدقه على ذلك وهو جبريل ، لأنه مقوي ومصدق للرسول ، ويصح أن يكون المراد بالشاهد معجزات القرآن ، والضمير في (مِنْهُ) إما عائد على الله أو على القرآن ، والمعنى على هذا ، ويتبعه شاهد يشهد بكونه من عند الله وهو الإعجاز في نظمه واشتماله على عجائب المغيبات في معناه ، فلا يستطيع أحد أن يأتي بمثله ، كلا أو بعضا ويصح أن يراد بالشاهد ، المعجزات الظاهرة على يد رسول الله مطلقا.
قوله : (وَمِنْ قَبْلِهِ) الجار والمجرور حال من كتاب موسى ، الواقع معطوفا على شاهد. قوله : (شاهد له أيضا) الأوضح أن يقول يتلوه أيضا ، إذ هو المسلط عليه. قوله : (إِماماً) أي مقتدى به. قوله :