تعجيله لكم فإن أمره إليه لا إليّ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٣٣) بفائتين الله لا (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) أي إغواءكم وجواب الشرط دل عليه ولا ينفعكم نصحي (هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣٤) قال تعالى : (أَمْ) بل أ(يَقُولُونَ) أي كفار مكة (افْتَراهُ) اختلق محمد القرآن (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي) إثمي أي عقوبته (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) (٣٥) من إجرامكم في نسبة الافتراء إليّ (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ) تحزن (بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦) من الشرك فدعا عليهم بقوله رب لا تذر على الأرض ، الخ فأجاب الله دعاه وقال (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) السفينة (بِأَعْيُنِنا) بمرأى منا وحفظنا
____________________________________
بذلك إلى أن مفعول شاء محذوف. قوله : (بفائتين الله) أي بفارين من عذابه. قوله : (وجواب الشرط) أي الأول ، وهذا مرور على مذهب البصريين القائلين : إن جواب الشرط لا يتقدم عليه ، وجوزه الكوفيون ، وحينئذ يكون تقدير الكلام : إن كان الله يريد أن يغويكم ، فإن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي ، وذلك لأن القاعدة إذا اجتمع في الكلام شرطان ، وجواب يجعل الجواب للثاني ، والشرط الثاني وجوابه ، جوابا عن الأول. قوله : (أي كفار مكة) هذا أحد قولين ، والثاني وعليه أكثر المفسرين ، أن هذه الآية من جملة قصة نوح. ويكون الضمير في (افْتَراهُ) عائدا على الوحي الذي جاءهم به نوح. قوله : (أي عقوبته) أشار بذلك إلى الكلام على حذف مضاف.
قوله : (وَأُوحِيَ) الجمهور على أنه مبني للمفعول ، وأنه بالفتح في تأويل مصدر نائب فاعل ، وقرىء شذوذا بالبناء للفاعل ، وأنه بالكسر ، إما على إضمار القول : أي أوحى الله إلى نوح قائلا له إنه إلخ ، أو بتضمين الإيحاء معنى القول. قوله : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) أي لن يستمر على الإيمان إلا من ثبت إيمانه وحصل ، فاندفع ما يقال إن فيه تحصيل الحاصل. قوله : (فدعاهم) عليهم أي بعد اليأس من إيمانهم ، وحصول غاية المشقة له منهم ، فكانوا يضربونه حتى يسقط ، فيلقونه في اللبد ويلقونه في بيت يظنون موته ، فيخرج في اليوم الثاني ، ويدعوهم إلى الله تعالى ، وكانوا يخنقونه حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، وكان الوالد منهم يوصي أولاده بعدم اتباعه ويقول : قد كان هذا الشيخ مع آبائنا وأجدادنا هكذا مجنونا ، فلا يقبلون منه شيئا. فلما أوحي إليه بعدم إيمانهم دعا عليهم كما قال المفسر.
قوله : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) يطلق مفردا وجمعا ، والمراد هنا المفرد ، ، وكان طولها ثمانين ذراعا ، وعرضها خمسين ، وطولها لجهة العلو ثلاثين ذراعا والذراع إلى المنكب ، وهذا أشهر الروايات ، وقيل كان طولها ألفا ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وقيل غير ذلك ، جعلها ثلاث طبقات ، فالسفلى للوحوش والسباع والهوام ، وفي الوسطى الدواب والأنعام ، وركب هو ومن معه في العليا ، وقيل السفلى للدواب والوحوش ، والوسطى للإنس والعليا للطير ، وأول ما حمله نوح الدرة ، وآخر ما حمل الحمار ، فلما أراد أن يدخل الحمار ، أدخل صدره فتعلق إبليس بذنبه ، فاستثقل رجلاه ، وجعل نوح يقول : ويحك ادخل ، فينهض فلا يستطيع حتى قال له : ادخل ولو كان الشيطان معك فدخل ، فقال له نوح : ما أدخلك علي يا عدو الله؟ قال : ألم تقل أدخل وإن كان الشيطان معك؟ قال : اخرج عني يا عدو الله ، قال : لا بد أن