السفينة (وَأَهْلَكَ) أي زوجته وأولاده (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) أي منهم بالاهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم الثلاثة (وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (٤٠) قيل كانوا ستة رجال ونساءهم ، وقيل جميع من كان في السفينة ثمانون نصفهم رجال ونصفهم نساء (وَقالَ) نوح (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) بفتح الميمين وضمهما مصدران أي جريها ورسوها أي منتهى سيرها (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٤١) حيث لم يهلكنا (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) في الارتفاع والعظم (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) كنعان (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) عن السفينة (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) (٤٢) (قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي)
____________________________________
اثنين ، وقوله : (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) حال منه مقدم عليه. قوله : (أي زوجته) أي التي أسلمت ، لأنه كان له زوجتان ، إحداهما آمنت فحملها ، والأخرى لم تؤمن فتركها. قوله : (وأولاده) أي الثلاثة وزوجاتهم.
قوله : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) أي القضاء بالغرق. قوله : (أي منهم) أخذ هذا التقييد من سورة المؤمنون. قوله : (وهو زوجته) أي التي لم تؤمن واسمها واعلة ، وقيل واعكة ، ورد أنه قبل مجيء الطوفان بأربعين سنة أصيبوا بالعقم ، فلم يلدوا في تلك المدة ، كي لا تصيبهم الرحمة من أجل وجود ، الصغار بينهم. قوله : (بخلاف سام) وهو أبو العرب ، وحام أبو السودان ، ويافث وهو أبو الترك. قوله : (ثمانون) أي اثنان وسبعون من الأمة ، وهو وأولاده الثلاثة وزوجاتهم.
قوله : (وَقالَ ارْكَبُوا) خطاب لمن معه. قوله : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) حال من الواو في اركبوا ، والتقدير قائلين بسم الله إلخ. وبسم الله خبر مقدم ، وقوله : (مَجْراها وَمُرْساها) مبتدأ مؤخر ، روي أنه كان إذا أراد أن تجري قال : بسم الله ، فجرت ، وإذا أراد أن ترسو قال : بسم الله فرست. قوله : (بفتح الميمين) سبق قلم إذ فتح مرساها شاذ ، فالصواب أن يقول بضم الميمين ، أو فتح الأولى مع ضم الثانية. قوله : (مصدران) راجع لكل من الفتح والضم. قوله : (أي جريها) هذا يناسب الفتح ، وأما الضم فيقال في تفسيره ، أي إجراؤها وإرساؤها.
قوله : (كَالْجِبالِ) روي أن الله أرسل المطر أربعين يوما وليلة ، وخرج الماء من الأرض ، قال تعالى : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) وارتفع الماء على أعلى جبل وأطوله أربعين ذراعا ، حتى أغرق كل شيء ، وروي أنه لما كثر الماء في السكك خافت أم صبي على ولدها من الغرق ، وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت به إلى الجبل حتى بلغت ثلثه لحقها الماء ، فارتفعت حتى بلغت ثلثيه ، فلما لحقها الماء ذهبت حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ الماء رقبتها رفعت الصبي بيديها حتى ذهب بهما الماء فأغرقهما ، فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي ، ولا ينافي ما تقدم من أنهم أصابهم العقم أربعين سنة ، لجواز أن يكون هذا الولد ابن أكثر من أربعين.
قوله : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) أي قبل سير السفينة. قوله : (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) الجملة حالية من ضمير ابنه ، وقوله : (يا بُنَيَ) إلخ ، هذه هو المنادى به بثلاث ياءات الأولى ياء التصغير ، والثانية لام الكلمة ، والثالثة ياء المتكلم ، تحركت ياء المتكلم وانفتح ما قبلها ، قلبت ألفا فالتقى ساكنان ، حذفت لالتقائهما ، وأدغمت إحدى الياءين في الأخرى ، فيقرأ بفتح الياء وكسرها قراءتان سبعيتان ، وقوله :