مُسْتَقِيمٍ) (٥٦) أي طريق الحق والعدل (فَإِنْ تَوَلَّوْا) فيه حذف إحدى التاءين أي تعرضوا (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) بإشراككم (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٥٧) رقيب (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) عذابنا (نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ) هداية (مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) (٥٨) شديد (وَتِلْكَ عادٌ) إشارة إلى آثارهم أي فسيحوا في الأرض وانظروا إليها ثم وصف أحوالهم فقال (جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ) جمع لأن من عصى رسولا عصى جميع الرسل لاشتراكهم في أصل ما جاؤوا به وهو التوحيد (وَاتَّبَعُوا) أي السفلة (أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٥٩) معاند للحق من رؤسائهم (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) من الناس (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) لعنة على رؤوس الخلائق (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا) جحدوا (رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً) من رحمة الله (لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) (٦٠) (وَ) أرسلنا (إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ) من القبيلة (صالِحاً قالَ
____________________________________
أصلا. قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) شرط حذف جوابه لدلالة قوله : (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) إلخ عليه ، والتقدير فلا عذر لكم ولا مؤاخذة علي ، فقد أبلغتكم إلخ. قوله : (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي) إلخ ، هذا وعيد شديد مترتب على إعراضهم ، والمعنى فإن تعرضوا عن الإيمان ، فلا مؤاخذة علي ، بل يقبلني ربي ويهلككم ويستخلف غيركم ، ولا تضرونه شيئا بإعراضكم ، بل ما تضرّون إلا أنفسكم.
قوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) أي فلا تخفى عليه أحوالكم ، بل يجازي كل أحد بعمله. قوله : (عذابنا) أي وهو الريح الصرصر المذكور في قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ) الآية ، فأصابهم صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال ، وكان يدخل في أنف الواحد ، ويخرج من دبره ، فيرفعه في الجو فيسقط على الأرض فتقطع أعضاؤه ، وقد تقدم بسطها في الأعراف. قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي وكانوا أربعة آلاف قوله : (وَتِلْكَ عادٌ) مبتدأ أو خبر على حذف مضاف ، كما أشار له المفسر ، أي آثار عاد. قوله : (في الأرض) أي أرضهم. قوله : (وانظروا إليها) أي لتعتبروا ، وهو خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وأمته ، ولكن المراد الأمة. قوله : (لأن من عصى رسولا) إلخ ، جواب عما يقال لم جمع الرسل ، مع أنهم عصوا رسولا واحدا وهو هود. قوله : (عَنِيدٍ) أي معاند متجاوز في الظلم. قوله : (لَعْنَةً) أي طردا وبعدا. قوله : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) (لعنة) أي طردا على رحمة الله ، وهي الجنة وما فيها ، لاتصافهم بالشقاوة الدائمة الموجبة للخلود في النار. قوله : (أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ) هذا بيان لسبب استحقاقهم للعنتين.
قوله : (أَلا بُعْداً لِعادٍ) هذا هو معنى قوله : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) وذكر تأكيدا وإشارة إلى أنهم مستحقون لذلك. قوله : (قَوْمِ هُودٍ) بدل من عاد ، واحترز به عن عاد الثانية المسماة بثمود ، وهي قوم صالح الآتية قصتهم بعد. قوله : (وَإِلى ثَمُودَ) عطف على قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) عطف قصة على قصة ، وقدر المفسر (أرسلنا) إشارة إلى أن قوله أرسلنا الأول مسلّط عليه ، فهو من عطف الجمل ، وثمود هنا يمنع الصرف باتفاق القراء العشرة ، وقرىء شاذا بالصرف ، بخلاف ما يأتي في قوله : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) فبالصرف وعدمه قراءتان سبعيتان ، وثمود اسم أبي القبيلة ، سميت باسمه لشهرته ، وبين صالح وبينه خمسة أجداد ، وبين صالح وهود مائة سنة ، وعاش صالح مائتي سنة وثمانين سنة.