يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحدوه (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ) ابتدأ خلقكم (مِنَ الْأَرْضِ) بخلق أبيكم آدم منها (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) جعلكم عمارا تسكنون بها (فَاسْتَغْفِرُوهُ) من الشرك (ثُمَّ تُوبُوا) ارجعوا (إِلَيْهِ) بالطاعة (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ) من خلقه بعلمه (مُجِيبٌ) (٦١) لمن سأله (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا) نرجو أن تكون سيدا (قَبْلَ هذا) الذي صدر منك (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) من الأوثان (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) من التوحيد (مُرِيبٍ) (٦٢) موقع في الريب (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ) بيان (مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) نبوة (فَمَنْ يَنْصُرُنِي) يمنعني (مِنَ اللهِ) أي عذابه (إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي) بأمركم لي بذلك (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣) تضليل (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) حال عامله الإشارة (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي
____________________________________
قوله : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ) هذا دليل على كونه هو المستحق للعبادة دون غيره. قوله : (مِنَ الْأَرْضِ) أي مباشرة أو بواسطة ، فالأول كخلق أبينا آدم منها ، والثاني كخلق مواد النطف التي منها النوع الإنساني. قوله : (جعلكم عمارا تسكنون بها) أي خلفاء في الأرض ، ويصح أن يكون المعنى جعلكم معمرين لها بعد أن خربت. قوله : (فَاسْتَغْفِرُوهُ) أي من الذنوب التي مضت. قوله : (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي أقلعوا عن الذنوب في المستقبل. قوله : (بعلمه) أي فالمراد قرب مكانة ورفعة ، والمعنى أن الله قريب من خلقه قربا معنويا ، منزها عن الإحاطة والجهة ، فهو أقرب من نور العين لها ، ومن سمع الأذن لها ، ومن لمس الجسم له ، ومن الأنف له سبحانه وتعالى. قوله : (مُجِيبٌ) أي فلا يخيب سائلا. قوله : (نرجو أن تكون سيدا) أي لأنه كان يعين ضعيفهم ويعطي فقيرهم ، وكانوا يرجعون إليه في الأمور قبل تلك المقالة ، فلما حصلت قالوا قد انقطع رجاؤنا فيك. قوله : (الذي صدر منك) أي وهو نهيهم عن عبادة الأوثان.
قوله : (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ) أي أتنهانا عن عبادة الذي كان يعبده آباؤنا ، وقوله : (من الأوثان) بيان لما. قوله : (وَإِنَّنا) هذا هو الأصل ، ويصح وإنا بنون واحدة مشددة ولذا قرىء به في سورة إبراهيم. قوله : (مُرِيبٍ) وصف لشك والإسناد مجازي ، وحق الإسناد لصاحبه. قوله : (موقع في الريب) أي الدائم. قوله : (أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني. قوله : (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ) أتى بإن مشاكلة ، لاعتقادهم فيه ومسايرة لخطابهم. قوله : (بيان) أي برهان وحجة واضحة. قوله : (أي عذابه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف.
قوله : (إِنْ عَصَيْتُهُ) أي على فرض وقوع المعصية مني ، وإلا فهي مستحيلة عليه ، كبيرها وصغيرها ، قبل النبوة وبعدها. قوله : (بأمركم لي بذلك) أي بعصيانه وموافقتكم. قوله : (تضليل) أي لي إن اتبعتكم ، والمعنى أخبروني إن كنت على بينة ونبوة من ربي ، فلا أحد يمنعني من عذاب الله إن اتبعتكم وعصيته ، وحينئذ أكون خاسرا مضيعا لما أعطاني الله من الحق ، وهل رأيتم نبيا صار كافرا ، وكل هذا تنزل منه لهم. قوله : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ) أي وقد طلبوا منه أن يخرج لهم ناقة من صخرة عينوها ، حيث قالوا : أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة وبراء عشراء ، فدعا الله ، فتمخضت الصخرة كما تتمخض النساء عند الولادة ، فخرجت منها ناقة كما وصفوا ، فولدت الناقة في الحال فصيلا ، قدرها في الجثة يشبهها ، وأضيفت