لِيُعَذِّبَهُمْ) بما سألوه (وَأَنْتَ فِيهِمْ) لأن العذاب إذا نزل عم ولم تعذب أمة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٣٣) حيث يقولون في طوافهم غفرانك غفرانك وقيل هم المؤمنون المستضعفون فيهم كما قال لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) بالسيف بعد خروجك والمستضعفين وعلى القول الأول هي ناسخة لما قبلها وقد عذبهم الله ببدر وغيره (وَهُمْ يَصُدُّونَ) يمنعون النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أن يطوفوا به (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) كما زعموا (إِنْ) ما (أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٣٤) أن لا ولاية لهم عليه (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً) صفيرا (وَتَصْدِيَةً)
____________________________________
قوله : (بما سألوه) أي وهو الحجارة أو العذاب الأليم ، ولا بالعذاب العام ، لرفعه ببركته صلىاللهعليهوسلم. قوله : (وَأَنْتَ فِيهِمْ) أي في بلدهم ، فإن خرجت منها أنت والمؤمنون ، عذبهم الله على أيديكم عذابا خاصا بهم.
قوله : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ) أي عذابا عاما ولا خاصا. قوله : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الجملة حالية من الضمير في معذبهم. والمعنى أن الله لا يعذبهم ، والحال أنهم يستغفرون ، فاستغفارهم نافع لهم ، بعدم نزول العذاب عليهم. إن قلت : يشكل على هذا قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ، وقوله تعالى : «وما دعاء الكافرين (إِلَّا فِي تَبابٍ)» ، أجيب : بأن استغفارهم نافع لهم في الدنيا فقط ، وأما هاتان الآيتان فالمراد منهما ما يحصل في الآخرة ، فأعمال الكفار الصالحة التي لا تفتقر إلى نية ، كالصدقات وفعل المعروف والاستغفار ، تنفعهم في الدنيا وتمنع عنهم العذاب فيها ، ولا تنفعهم في الآخرة. قوله : (وقيل هم المؤمنون) أي فضمير معذبهم يعود إلى أهل مكة ، وقوله : (وَهُمْ) الضمير عائد على أهل مكة باعتبار مجموعهم وهم المؤمنون. قوله : (تزيلوا) أي تميز المؤمنون على الكفار.
قوله : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) أي : أي شيء ثبت لهم في عدم تعذيب الله لهم ، أي لا مانع لهم منه. قوله : (والمستضعفين) أي وخروج المستضعفين أيضا. قوله : (وعلى القول الأول) أو وهو كون الضمير عائد على الكفار. قوله : (هي ناسخة لما قبلها) أي وهي قوله : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) لأنه اخبر أولا أنه لا يعذبهم مع استغفارهم ، وأخبر ثانيا أنه يعذبهم ولا يبالي باستغفارهم ، والوجه أنها ليست منسوخة لأنها خبر ، والأخبار لا تنسخ ، وايضا استغفارهم قد انقطع بخروجهم للمقاتلة ، لارتباط استغفارهم بالبيت. قوله : (وَهُمْ يَصُدُّونَ) الجملة حالية من ضمير (يُعَذِّبَهُمُ). قوله : (أن يطوفوا به) أي النبي والمؤمنون.
قوله : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) رد لقولهم نحن ولاة البيت فنصد من نشاء ، وندخل من نشاء. قوله : (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) أي المجتنبون الشرك. قوله : (أو لا ولاية لهم عليه) أشار بذلك إلى أن مفعول (يَعْلَمُونَ) محذوف. قوله : (إِلَّا مُكاءً) استثناء من الصلاة على حسب زعمهم ، حيث ادعوا أن المكاء والتصدية من جنس الصلاة ، فالاستثناء زيادة في التشنيع عليهم. قوله : (صفيرا) أي فكان الواحد منهم يشبك اصابع إحدى كفيه بأصابع الأخرى ويضمها وينفخ فيهما ، فيظهر من ذلك صوت. قوله :