من التكلف والله أعلم بمراده (فَلا تَكُ) يا محمد (فِي مِرْيَةٍ) شك (مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) من الأصنام أنا نعذبهم كما عذبنا من قبلهم وهذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ) أي كعبادتهم (مِنْ قَبْلُ) وقد عذبناهم (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ) مثلهم (نَصِيبَهُمْ) حظهم من العذاب (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) (١٠٩) أي تاما (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) بالتصديق والتكذيب كالقرآن (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير الحساب والجزاء للخلائق إلى يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) في الدنيا فيما اختلفوا فيه (وَإِنَّهُمْ) أي المكذبين به (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) (١١٠) موقع في الريبة (وَإِنَ) بالتخفيف والتشديد (كُلًّا) أي كل الخلائق (لَمَّا) ما
____________________________________
هذه الآية ، ومنها أن أهل النار تنقلب عليهم النار نعيما ، حتى لو صب عليهم ماء الجنة يتأذون ، ومنها أن النار تخرب حتى لا يصير فيها أحد ، ومنها غير ذلك ، وهذه الأقوال باطلة ، ونسبتها المحيي الدين بن العربي كذب ، وعلى فرض صحة نقلها عنه يجب تأويلها.
قوله : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) هذا شروع في ذكر أحوال المخالفين من هذه الأمة ، إثر بيان المخالفين من غيرهم ، وهذا الخطاب للنبي والمراد غيره. قوله : (من الأصنام) بيان لما. قوله : (ما يَعْبُدُونَ) أي فليس لهم في ذلك إلا محض تقليد آبائهم. قوله : (وقد عذبناهم) أي آباءهم ، وإنما قدره لتتم المشابهة. قوله : (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ) أي هؤلاء. قوله : (أي تاما) أشار بذلك إلى أن قوله : (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) حال من نصيب مبينة له. قوله : (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) هذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم أي فلا تحزن على ما وقع لك ، فإنه قد وقع لغيرك. قوله : (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لجوزي المحسن على إحسانه ، والمسيء على إساءته في الدنيا. قوله : (أي المكذبين به) أي بالقرآن.
قوله : (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) أي من القرآن. قوله : (موقع في الريبة) أي لأنهم إذا نظروا لآبائهم وما كانوا عليه قالوا : لو كان ما هم عليه ضلالا ما اجتمعوا عليه ، وإذا نظروا إلى النبي ومعجزاته الظاهرة قالوا إنه لحق ، وما جاء به صدق ، فهم في شك ، ولا شك أنه كفر ، وكل ناشىء من الطبع على قلوبهم ، وإلا فالحق ظاهر لما تدبره.
قوله : (وَإِنَّ كُلًّا) أي من الطائعين والعاصين ، وأتى بالجملة الإسمية المؤكدة بإن ، ولام القسم زيادة في تأكيد بشرى المطيع ووعيد العاصي. قوله : (بالتشديد والتخفيف) أي ولما كذلك فتكون القراءات أربعا وكلها سبعية. قوله : (أي كل الخلائق) أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن المضاف إليه. قوله : (ما زائدة) أي والأصل ليوفينهم ، فاستثقل اجتماع اللامين فوسطت بينهما ما ، لدفع ذلك الثقل. قوله : (واللام موطئة) أي والأخرى للتأكيد. قوله : (أو فارقه) أي أتى بها فرقا بين المهملة والنافية ، وفيه أن إن عاملة على كل حال ، فليست حينئذ فارقة ، فكان المناسب حذف قوله أو فارقة ، إلا أن يقال إنها مهملة ، و (كُلًّا) منصوب بفعل مقدر تقديره وإن يرى كلا ، وفيه أن هذا تكلف ، وما لا كلفة فيه خبر مما فيه كلفة ، وما ذكره المفسر من الإعراب ، مبني على قراءة تشديد إن وتخفيفها مع تخفيف لما ، وتوضيحه أن يقال إن حرف توكيد ونصب ، وكلا اسمها ، واللام موطئة لقسم محذوف ، وما زائدة ،