ما) بدل من كلا (نُثَبِّتُ) نطمن (بِهِ فُؤادَكَ) قلبك (وَجاءَكَ فِي هذِهِ) الأنباء أو الآيات (الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (١٢٠) خصوا بالذكر لانتفاعهم بها في الإيمان بخلاف الكفار (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) حالتكم (إِنَّا عامِلُونَ) (١٢١) على حالتنا تهديد لهم (وَانْتَظِرُوا) عاقبة أمركم (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٢٢) ذلك (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي علم ما غاب فيهما (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ) بالبناء للفاعل يعود وللمفعول يرد (الْأَمْرُ كُلُّهُ) فينتقم ممن عصى (فَاعْبُدْهُ) وحده (وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) ثق به فإنه كافيك (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (١٢٣) وإنما يؤخرهم لوقتهم وفي قراءة بالفوقانية.
____________________________________
قوله : (مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) أي أخبارهم. قوله : (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) أي القصص والأخبار التي بها يزداد فؤادك ثباتا على أداء الرسالة ، وتحمل أذى قومك ، وعلما بفضل أمتك وشرفها ، حيث انقاد منها خلق كثير في مدة يسيرة ، بخلاف الأمم الماضية. قوله : (الأنباء) أي الأخبار ، وقوله : (أو الآيات) تفسير ثان ، والمراد بالآيات آيات هذه السورة وخصت بالذكر ، وإن كان جاءه الحق في جميع السور تشريفا لها ، لكونها جمعت من قصص الأمم الماضية ما لم يكن في غيرها. قوله : (وَمَوْعِظَةٌ) أي اتعاظ ، وقوله : (وَذِكْرى) أي تذكر وتدبر. قوله : (حالتكم) أي وهي الكفر. قوله : (على حالتنا) أي وهي الإيمان. قوله : (تهديد لهم) أي تخويف ، وليس المراد الأمر بدوامهم على الكفر ، بل هو على حد : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. قوله : (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (ذلك) أي عاقبة أمركم.
قوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال كعب الأحبار : خاتمة التوراة هي خاتمة سورة هود. قوله : (أي علم ما غاب فيهما) أي فلم يكلفنا بمعرفته. قوله : (للمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان والمعنى واحد. قوله : (الْأَمْرُ كُلُّهُ) أي أمر الخلائق كلهم في الدنيا والآخرة من خير وشر. قوله : (فينتقم ممن عصى) أي ويثيب من أطاع. قوله : (فَاعْبُدْهُ) هذا مفرع على قوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلخ ، أي فحيث كان هو العالم بما غاب في السماوات والأرض ، وإليه مرجع الأمور كلها ، فهو حقيق بعبادته هو لا غيره ، وحقيق بالتوكل عليه وتفويض الأمور إليه. قوله : (ثق به) أي اعتمد عليه ولا تلتفت لغيره ؛ فإنه لا يضر ولا ينفع ، بل الضار النافع ، المعطي المانع ، هو الله ، وبهذا تعلم أن التوكل أمر زائد على التوحيد ، فالتوحيد ينفي الشرك ، والتوكل ينفي الأوهام المعطلة على مراتب الأخيار. قوله : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ما) حجازية ، و (رَبُّكَ) اسمها ، و (بِغافِلٍ) خبرها منصوب بفتحة مقدرة على آخره ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (بالفوقانية) أي خطابا للنبي والمؤمنين.