لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٥) ظاهر العداوة (وَكَذلِكَ) كما رأيت (يَجْتَبِيكَ) يختارك (رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) تعبير الرؤيا (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بالنبوة (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) أولاده (كَما أَتَمَّها) بالنبوة (عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) لخلقه (حَكِيمٌ) (٦) في صنعه بهم (لَقَدْ كانَ فِي) خبر (يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) وهم أحد عشر (آياتٌ) عبر (لِلسَّائِلِينَ) (٧) عن خبرهم اذكر (إِذْ قالُوا) أي بعض إخوة يوسف لبعضهم (لَيُوسُفُ) مبتدأ (وَأَخُوهُ) شقيقه بنيامين (أَحَبُ) خبر (إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) جماعة (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ) خطإ
____________________________________
بواطنهم مع ربهم ، ونظير ذلك قصة الخضر مع موسى ، حيث قال بعد ما فعل ما فعل : (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) ، فهم مأمورون بحكم الباطن ، مخالفون بحكم الظاهر ، وقصة آدم في أكله من الشجرة ، وتقدم ما يفيد ذلك في البقرة بأبلغ وجه.
قوله : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا العظيمة ، يختارك ويصطفيك ربك. قوله : (تعبير الرؤيا) أي تفسيرها. قوله : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) أي يصل نعمة الدنيا بنعمة الآخرة. قوله : (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) لم يقل بالنبوة إشارة للخلاف في نبوتهم. قوله : (إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) إما بدل من أبويك ، أو عطف بيان عليه. قوله : (عَلِيمٌ) (بخلقه) أي فيصطفي من يشاء ، وقوله : (حَكِيمٌ) (في صنعه) أي فيضع الأشياء في محلها.
قوله : (لَقَدْ كانَ) اللام موطئة لقسم محذوف ، والتقدير والله لقد كان إلخ. قوله : (وهم أحد عشر) أي وهم : يهودا وروبيل وشمعون ولاوي وريالون ويشجر ، وهؤلاء الستة من بنت خال يعقوب ليا ، ثم بعد موتها تزوج أختها راحيل ، وقيل جمع بينهما ولم يكن لجمع بين الأختين محرما في شرعه ، فولدت له بنيامين ويوسف ، وأما الأربعة الباقية : دان ونفتالي وجاد وآشر ، فمن سريتين زلفة وبلهة. قوله : (آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) أي وغيرهم ، ففيه اكتفاء ، وذلك أن اليهود لما سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قصة يوسف ، وقيل سألوا عن انتقال أولاد يعقوب ، من أرض كنعان إلى أرض مصر ، فذكر لهم تلك القصة ، فوجدوها مطابقة لما في التوراة ، وحينئذ فهي من دلائل نبوته صلىاللهعليهوسلم ، حيث قص عليم تلك القصة بأبلغ وجه ، مع كونه لم يسبق له تعلم من أحد ، ولا قرأ ولا كتب. قوله : (لَيُوسُفُ) اللام موطئة لقسم محذوف. قوله : (بنيامين) بكسر الباء وفتحها ، وهو أصغر من يوسف. قوله : (أَحَبُ) (خبر) أي عن يوسف وأخوه ، ولم تحصل المطابقة لأنه اسم تفضيل مجرد ، وهو يلزم التذكير والتوحيد ، قال ابن مالك :
وإن لمنكور يضف أو جردا |
|
ألزم تذكيرا وأن يوحدا |
و (أَحَبُ) مصوغ من حب المبني للمفعول وهو سماعي ، ولو جاء على القياس لتوصل إليه بأشد ، قال ابن مالك :
وأشدد أو أشد أو شبههما |
|
يخلف ما بعض الشروط عدما |
واعلم أن مادة الحب والبغض ، إذا بني أفعل التفضيل منها تعدى للفاعل بإلى ، وللمفعول باللام ، أو بفي ، الآية الكريمة من الأول ، فإن الأب هو فاعل المحبة ، وإذا قلت : زيد أحب لي من عمرو ، وأحب