أي ذهابكم (بِهِ) لفراقه (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) المراد به الجنس وكانت أرضهم كثيرة الذئاب (وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) (١٣) مشغولون (قالُوا لَئِنْ) لام قسم (أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) جماعة (إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) (١٤) عاجزون. فأرسله معهم (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا) عزموا (أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) وجواب لما محذوف أي فعلوا ذلك بأن نزعوا قميصه بعد ضربه وإهانته وإرادة قتله وأدلوه ، فلما وصل إلى نصف البئر ألقوه ليموت فسقط في الماء ثم أوى إلى صخرة فنادوه فأجابهم يظن رحمتهم فأرادوا رضخه بصخرة فمنعهم يهودا (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) في الجب وحي حقيقة وله سبع عشرة سنة أو دونها تطمينا لقلبه (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) بعد اليوم (بِأَمْرِهِمْ) بصنيعهم
____________________________________
غرض صحيح مباح ، لما فيه من تعلم المحاربة والإقدام على العدو. قوله : (لَيَحْزُنُنِي) الحزن ألم القلب بفراق المحبوب.
قوله : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) بالهمز وتركه قراءتان سبعيتان ، وسبب خوفه ، أنه كان رأى في المنام أن ذئبا تعرض ليوسف ، فكان يخاف عليه الذئب. قوله : (قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ) هذا جواب عن عذره الثاني وهو قوله : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) وأما الأول وهو قوله : (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي) إلخ ، فلا يجيبوا عنه ، لأن غرضهم حصوله. قوله : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) الجملة حالية. قوله : (عاجزون) أي فالخسران مجاز عن الضعف والعجز لأنه يشبهه.
قوله : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) تقدم أنه كان بين ذهابهم به واجتماعه بأبيه أربعون سنة ، وقيل ثمانون سنة ، لم تجف فيها عين يعقوب. قوله : (بأن نزعوا قميصه) إلخ ، روي أنهم لما برزوا به إلى الصحراء أخذوا يؤذونه ويضربونه ، حتى كادوا يقتلونه ، فصار يصيح ويستغيث ، فقال يهودا : أما عاهدتموني على ألا تقتلوه؟ فأتوا به إلى البئر فدلوه فيها فتعلق بشفيرها ، ونزعوا قميصه ليلطخوه بالدم ويحتالوا به على أبيهم ، فقال : يا إخوتاه ردوا علي قميصي أتوارى به ، فقالوا له : ادع الأحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر يلبسوك ويؤنسوك ، وفي القصص ، أن إبراهيم عليهالسلام حين ألقي في النار ، جرد عن ثيابه ، فأتاه جبريل عليهالسلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه ، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق ، ودفعه إسحاق إلى يعقوب فجعله في قصبة من فضة ، وجعلها في عنق يوسف ، فألبسه الملك إياه حين ألقي في الجب ، فأضاء له الجب ، وسيأتي أنه القميص الذي أرسله مع البشير بأمر جبريل ، وأخبره أنه لا يلقى على مبتلى إلا عوفي. قوله : (ثم أوى إلى الصخرة) أي جاء له بها الملك فأجلسه عليها ، قال الحسن : لما ألقي يوسف في الجب عذب ماؤها ، فكان يغنيه عن الطعام والشراب ، ودخل عليه جبريل فأنس به ، فلما أمسى نهض ليذهب فقال : إنك إذا خرجت استوحشت ، فقال : إذا رهبت من شيء فقل : يا صريخ المستصرخين ، ويا غوث المستغيثين ، ويا مفرج كرب المكروبين ، فقد ترى مكاني وتعلم حالي ، ولا يخفى عليك شيء من أمري ، فلما قالها يوسف ، حفته الملائكة واستأنس في الجب ، وفرج الله عنه بخروجه من ليلته ، وقيل إنه مكث في الجب ثلاثة أيام ، فكان إخوته يرعون حوله ، وكان يهودا يأتيه بالطعام. قوله : (أو دونها) قيل خمسة عشر ، وقيل اثني عشر ، وقيل سبعة.
قوله : (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) أي كما سيأتي في قوله : (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) الآية. قوله :