الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥) ونزل في استعجالهم العذاب استهزاء (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ) العذاب (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) الرحمة (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) جمع المثلة بوزن السمرة أي عقوبات أمثالهم من المكذبين أفلا يعتبرون بها (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى) مع (ظُلْمِهِمْ) وإلا لم يترك على ظهرها دابة (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) (٦) لمن عصاه (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ عَلَيْهِ) على محمد (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) كالعصا واليد والناقة قال تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) مخوف للكافرين وليس عليك إتيان الآيات (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧) نبي يدعوهم إلى ربهم بما يعطيه من الآيات لا بما يقترحون (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) من ذكر وأنثى وواحد ومتعدد وغير ذلك (وَما تَغِيضُ) تنقص (الْأَرْحامُ) من مدة الحمل (وَما تَزْدادُ) منه (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (٨) بقدر وحد لا
____________________________________
قوله : (الْأَغْلالُ) جمع غل ، وهو طوق من حديد يجعل في أعناقهم. قوله : (أَصْحابُ النَّارِ) أي لا محيص لهم عنها ، فهم ملازمون لها ، كالصاحب الملازم لصاحبه. قوله : (ونزل في استعجالهم العذاب) أي وذلك أن مشركي مكة ، كانوا يطلبون تعجيل العذاب استهزاء حيث يقولون : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم. قوله : (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي وهو تأخير العذاب عنهم.
قوله : (وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ) الجملة حالية. قوله : (جمع المثلة) بفتح الميم وضم المثلثة ، أي وهي النقمة تنزل بالشخص ، فجعل مثلا يرتدع به غيره ، قوله : (بوزن السمرة) أي وهو شجرة الطلح أي الموز. قوله : (لَذُو مَغْفِرَةٍ) المراد بها ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها حالا ، بل يؤخر الأخذ بها ، فإن تاب الشخص ورجع ، دام ذلك الستر عليه ، وإلا أخذه أخذ عزيز مقتدر. قوله : (عَلى ظُلْمِهِمْ) الجملة حالية ، أي والحال أنهم ظالمون لأنفسهم بالمعاصي. قوله : (لمن عصاه) أي ودام على ذلك ، فرحمة الله في الدنيا غلبت غضبه لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم ، وأما في الآخرة فقد انفردت رحمته للمؤمنين خاصة.
قوله : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي تعنتا. قوله : (هلا) أشار بذلك إلى أن لو لا للتحضيض. قوله : (كالعصا واليد) أي وغير ذلك مما اقترحوا ، قال تعالى حكاية عنهم : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً). الآية. قوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) أي ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي اليك ، لأنهم معاندون كفار ، ليس قصدهم بذلك الإيمان ، بل التعنت في الكفر. قوله : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) الجملة مستأنفة ، وهاد بإثبات الياء وحذفها في الوقف ، وبحذفها في الوصل لا غير ، ثلاث قراءات سبعية ، وأما في الرسم فهي محذوفة.
قوله : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) أي لأنه الخالق المصور ، فلا تخفى عليه خافية ، ويعلم عرفانية متعدية لواحد ، وما اسم موصول مفعوله والعائد محذوف. قوله : (وغير ذلك) أي من أوصاف الحمل ، من كونه أبيض أو أسود ، قصيرا أو طويلا ، سعيدا أو شقيا ، قويا أو ضعيفا. قوله : (تنقص) (الْأَرْحامُ) (من مدة الحمل) أي المعتادة وهي تسعة أشهر ، فهو يعلم الحمل الناقص عن تلك