مِنْكُمْ) من جواركم (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) من الملائكة (إِنِّي أَخافُ اللهَ) أن يهلكني (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٤٨) (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ضعف اعتقاد (غَرَّ هؤُلاءِ) أي المسلمين (دِينُهُمْ) إذ خرجوا مع قلتهم يقاتلون الجمع الكثير توهما أنهم ينصرون بسببه قال تعالى في جوابهم (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يثق به يغلب (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب على أمره (حَكِيمٌ) (٤٩) في صنعه (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ يَتَوَفَّى) بالياء والتاء (الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ) حال (وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) بمقامع من حديد (وَ) يقولون لهم (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٥٠) أي النار وجواب لو لرأيت أمرا عظيما (ذلِكَ) التعذيب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) عبر
____________________________________
أي تترك نصرتنا في هذه الحالة فعلى بمعنى في. قوله : (أن يهلكني) أي بتسليط الملائكة علي. إن قلت : إنه من المنظرين ، فكيف يخاف الهلاك حينئذ؟ أجيب : بأنه لشدة ما رأى من الهول ، نسي الوعد بأنه من المنظرين ، وما أشار له المفسر جواب عما يقال ، إن الشيطان لا خوف عنده ، وإلا لما كفر وأضل غيره. وأجيب أيضا بأن قوله : (إِنِّي أَخافُ اللهَ) كذب ولا مانع من ذلك. قوله : (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) يصح أن يكون من جملة قول الشيطان واعتذاره ، أو مستأنف تهديد له من كلام الله تعالى.
قوله : (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) أي الكائنون بالمدينة ، وقوله : (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي الكائنون بمكة ، إذ لم يحضر وقعة بدر منافق ، إلا عبد الله بن أبي فقط ، ولم يكن فيها ضعيف إيمان. قوله : (توهما) مفعول لخرجوا والضمير في (بسببه) عائد على الدين. قوله : (يغلب) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف ، وقوله : (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) دليل عليه.
قوله : (وَلَوْ تَرى) الرؤية بصرية ، ومفعولها محذوف تقديره حال الكفار وقت الموت. (وَلَوْ) حرف شرط تقلب المضارع ماضيا عكس إن. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الياء الأمر ظاهر ، وعلى التاء فلأن الجمع يجوز تذكيره وتأنيثه. قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) قيل المراد جمع الكفار من وجد وسيوجد ، وقيل المراد الكفار الذين قتلوا ببدر ، واختلف أيضا في وقت الضرب ، فقيل عند الموت تعجيلا للمساءة ، وقيل ذلك يوم القيامة ، ولا مانع من الجميع. قوله : (حال) أي من الملائكة. قوله : (وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) المراد أمامهم وخلفهم فيعمون جميع أجسادهم بالضرب. قوله : (بمقامع من حديد) جمع مقمعة بكسر الميم ، وهي العصا من الحديد المحماة بالنار ، ولو وضعت على جبال الدنيا لدكت.
قوله : (وَذُوقُوا) قدر المفسر (يقولون) إشارة إلى أنه معطوف على (يَضْرِبُونَ) فهو حال أيضا. قوله : (ذلِكَ) اسم الإشارة مبتدأ ، وقوله : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) متعلق بمحذوف خبر ، والباء سببية. قوله : (عبر بها) إلخ. دفع بذلك ما يقال إن إذاقة العذاب حاصلة ، بسبب ما فعلوا بجميع أعضائهم ، فلم خصت الأيدي؟ فأجاب بما ذكر ، وبعضهم فسر الأيدي بالقدر جمع قدرة ، فيكون المعنى ذلك ، بسبب ما قدمته قدرتكم وكسبكم ، فإن اليد تطلق ويراد بها الق درة ، قال تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ). قوله : (وَأَنَّ اللهَ) معطوف على (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) ، والمعنى ذلك بسبب ما قدمت أيديكم ، وبسبب