إذ نزلت في بني قريظة (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ثق به (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) للقول (الْعَلِيمُ) (٦١) بالفعل (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) بالصلح ليستعدوا لك (فَإِنَّ حَسْبَكَ) كافيك (اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (٦٢) (وَأَلَّفَ) جمع (بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) بعد الإحن (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) بقدرته (إِنَّهُ عَزِيزٌ) غالب على أمره (حَكِيمٌ) (٦٣) لا يخرج شيء عن حكمته (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَ) حسبك (مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤) (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ) حث (الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) للكفار (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) منهم (وَإِنْ يَكُنْ) بالياء والتاء (مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ) أي بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (٦٥) وهذا خبر بمعنى الأمر أي ليقاتل العشرون منكم المائتين والمائة الألف ويثبتوا ثم نسخ لما كثروا بقوله (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) بضم الضاد وفتحها عن قتال عشرة أمثالكم (فَإِنْ يَكُنْ) بالياء والتاء (مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) منهم
____________________________________
مالك : إن الجزية تضرب على كل كافر صح سباؤه ، كان من أهل الكتاب أو لا ، فعلى مذهبه ليس في الآية نسخ أصلا. قوله : (بكسر السين وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي فوض أمرك له. قوله : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) تعليل لما قبله.
قوله : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) شرط حذف جوابه ، تقديره فصالحهم ولا تخف من عذرهم. قوله : (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) أي قواك بأسباب باطنية ، وهي نصره لك من غير واسطة ، وبأسباب ظاهرية وهم المؤمنون. قوله : (بعد الإحن) جمع إحنة وهي العداوة والشحناء التي كانت بين الأوس والخزرج. قوله : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) أي بعد أن كان ما كان بينهم من البغضاء والعداوة والحروب العظيمة ، مائة وعشرين سنة ، حتى لو أن رجلا من قبيلة لطم لطمة واحدة لقاتل عنه أهل قبيلته ، حتى يدركوا ثأرهم ، فلما آمنوا برسول الله ، زالت تلك الحالة ، وانقلبت العداوة محبة في الله ورسوله ، فكان معجزة عظيمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ) الخ ، هذا امتنان من الله على نبيه بتلك النعمة العظيمة.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ) قيل نزلت ببدر ، فالمراد بالمؤمنين : الذين كانوا حاضرين وقعتها ، فيكون في ذلك مدح عظيم لهم ، ودليل على شرفهم ، ويؤخذ من ذلك ، أن المؤمنين إذا اجتمعت قلوبهم مع شخص لا يخذلون أبدا ، وليس في ذلك اعتماد على غير الله ، لأن المؤمنين ما التفت لهم إلا لإيمانهم وكونهم حزب الله ، فرجع الأمر لله ، وقيل : نزلت في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بعد إسلام ثلاثة وثلاثين رجلا وست نسوة ، فيكون هو متمما للأربعين ، فعلى الأول الآية مدنية كبقيتها ، وعلى الثاني تكون الآية مكية ، اثناء سورة مدنية ، ولا مانع أنها نزلت مرتين بمكة يوم إسلام عمر ، ومرة بالمدينة في أهل بدر. قوله : (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) معطوف على لفظ الجلالة. قوله : (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) أي مرهم أمرا أكيدا ، أو رغبهم فيه. قوله : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ) إما تامة وفاعلها (عِشْرُونَ) و (مِنْكُمْ) حال ، وإما ناقصة ، فعشرون اسمها ، ومنكم خبرها ، وهكذا يقال فيما بعدها. و (يَكُنْ) وقع هنا خمس