أَنْ يَكُونَ) بالتاء والياء (لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) يبالغ في قتل الكفار (تُرِيدُونَ) أيا المؤمنون (عَرَضَ الدُّنْيا) حطامها بأخذ الفداء (وَاللهُ يُرِيدُ) لكم (الْآخِرَةَ) أي ثوابها بقتلهم (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٦٧) وهذا منسوخ بقوله فإما منا بعد وإما فداء (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ) باحلال الغنائم والأسرى لكم (لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ) من الفداء (عَذابٌ عَظِيمٌ) (٦٨) (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٩) (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) وفي قراءة الأسرى (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) إيمانا وإخلاصا (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا
____________________________________
لن يعمل إلا ما أبيح له ، وإنما عتابه تعليما لمن يتولى الأمور من أمته حسن السياسة ، من أنه لا يقبل الفداء من الكفار ، حتى يكون قادرا عليهم ، وظافرا بهم. قوله : (بالتاء والياء) أي فهما سبعيتان ، لكن على الفوقية تتعين الإمالة في أسرى ، وعلى التحتية تجوز الإمالة وعدمها.
قوله : (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) أي حتى تظهر شوكة الإسلام وقوته ، وذل الكافرين. قوله : (عَرَضَ الدُّنْيا) أي متاعها ، سمي عرضا لزواله وعدم ثباته. قوله : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي يرضاها لكم. قوله : (وهذا منسوخ) أي قوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) هكذا مشى المفسر على هذا القول وهو ضعيف ، بل ما هنا مقيد بالإثخان ، أي كثرة القتال المترتب عليها عز الإسلام وقوته ، وما يا أتي في سوة القتال من التخيير محله بعد ظهور شوكة الإسلام حيث قال : فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ، فإذا علمت ذلك ، فالايتان متوافقتان في أن كلا يدل على أنه لا بد من تقديم الإثخان ثم بعده الفداء.
قوله : (لَوْ لا كِتابٌ لَوْ لا) حرف امتناع لوجود ، (كِتابٌ) مبتدأ ، وجملة (مِنَ اللهِ) صفة له ، وكذا قوله : (سَبَقَ) والخبر محذوف تقديره موجود ، والمعنى لو لا وجود حكم من الله مكتوب بإحلال الغنائم لمسكم إلخ ، فهو عتاب على ترك الأولى ، لا على فعل منهي عنه ، تنزيها لرسول أي أكلا حلالا. قوله : (طَيِّباً) أي خالصا لا شبهة فيه.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) نزلت في العباس عم رسول الله ، وكان أحد العشرة الذين ضمنوا أن يطعموا الناس الذين خرجوا من مكة لبدر ، وكان معه عشرون اوقية من ذهب ، فلما أخذ اسيرا أخذت منه ، فكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يحسبها من فدائه فأبى وقال له : شيء خرجت به لتسعين به علينا فلا نتركه لك ، فقال العباس : يا محمد أتتركني اتكفف قريشا ما بقيت؟ فقال رسول الله : فأين الذهب الذي وضعته عند أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بي حادث فهذا المال لك ولعبد الله ولعبيد الله وللفضل ، فقال العباس : وما يدريك يا ابن أخي؟ فإني اعطيتها إياه في سواد الليل ، ولم يطلع عليه أحد إلا الله ، فقال : أخبرني به ربي ، فقال : اشهد أن لا إله إلا الله ، واشهد أنك عبده ورسوله ، وأنك صادق ، وامر ابني اخيه عقيلا ونوفل بن الحرث فأسلما ، فنزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) الآية ، فكان العباس يقول : ابدلني الله خيرا مما أخذ مني ، عشرين عبدا تجارا يضربون بمال كثير ، ادناهم يضرب بعشرين الفا مكان العشرين اوقية ، واعطاني زمزم ، وما أحب أن لي بها جميع أموال اهل مكة ، وأنا انتظر المغفرة من ربي. قوله : (مِنَ الْأَسْرى) بالإمالة لا غير .. قوله : (وفي قراءة الأسارى) أي بالإمالة وتركها ، فالقراءات ثلاث ، وكلها سبعية.