(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) في النصرة والإرث فلا إرث بينكم وبينهم (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أي تولي المسلمين وقطع الكفار (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) (٧٣) بقوة الكفر وضعف الإسلام (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٧٤) في الجنة (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ) أي بعد السابقين إلى الإيمان والهجرة (وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) أيها المهاجرون والأنصار (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) ذوو القرابات (بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) في الإرث من التوارث بالإيمان والهجرة المذكورة في الآية السابقة (فِي كِتابِ اللهِ) اللوح المحفوظ (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧٥) ومنه حكمة الميراث.
____________________________________
أهل مكة. قوله : (وتنقضوا عهدهم) أي الصلح الكائن با الله يبية سنة ست على ترك القتال عشر سنين. قوله : (في النصرة والإرث) أي فهما ثابتان بين الكفار بعضهم لبعض. قوله : (فلا إرث بينكم وبينهم) أي ولا نصرة. قوله : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) إن شرطية مدغمة في لا النافية ، و (تَفْعَلُوهُ) فعل الشرط ، و (تَكُنْ) جواب الشرط. والمعنى : إن لم تفعلوا ما ذكر من تولي المؤمنين وقطع الكفار ، بل توليتم الكفار ، وقطعتم المؤمنين ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ، لأنه يترتب على ذلك ، قوة الكفار ، وضعف المسلمين ، وهذا ما حل به المفسر ، ويحتمل أن لا زائدة والمعنى : إن تفعلوا ما نهيتم عنه من موالاة الكفار وقطع المؤمنين.
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا) إلخ ليس مكررا مع ما تقدم ، لأن ما هنا بيان لفضلهم ، وما تقدم بيان لكونهم أولياء بعض ، وأيضا ما تقدم في الهجرة قبل عام الحديبية ، وما هنا في الهجرة قبل الفتح ، وكان قبل الحديبية أو بعدها. قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) أي الكاملون في الإيمان بلا شك. قوله : (لهم مغفرة) أي لذنوبهم. قوله : (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي لا تعب فيه ولا مشقة ، ويؤخذ من هذه الآية أن جميع المهاجرين والأنصار مبشرون بالجنة من غير سابقة عذاب ، وأما ما ورد من أن المبشرين عشرة ، فلأنهم جمعوا في حديث واحد. قوله : (مِنْ بَعْدُ) أي بعد الحديبية قبل الفتح ، ولأنه بعد الفتح لا هجرة. قوله : (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) أي محسوبون منكم ، وفي الآية دليل على أن المهاجرين الأولين أعلى وأجل من المتأخرين بالهجرة ، لأن الله ألحقهم بهم ، ومن المعلوم أن المفضول يلحق بالفاضل. قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) هذه الآية نزلت بعد الفتح ، وهي ناسخة للآية المتقدمة ، وهي ميراث المهاجرين للأنصار. قوله : (من التوارث) متعلق بأولى. قوله : (أي اللوح المحفوظ) وقيل المراد بها القرآن ، لأن قسمة المواريث مذكورة في سورة النساء من كتاب الله وهو القرآن. قوله : (ومنه حكمة الميراث) أي التوارث بمقتضى الإيمان والهجرة بدون قرابة ونسخة والتوارث بالقرابة.