يعاونوا (عَلَيْكُمْ أَحَداً) من الكفار (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى) انقضاء (مُدَّتِهِمْ) التي عاهدتم عليها (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٤) بإتمام العهود (فَإِذَا انْسَلَخَ) خرج (الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) وهو آخر مدة التأجيل (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) في حل أو حرم (وَخُذُوهُمْ) بالأسر (وَاحْصُرُوهُمْ) في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى القتل أو الإسلام (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) طريق يسلكونه ونصب كل على نزع الخافض (فَإِنْ تابُوا) من الكفر (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ولا تتعرضوا لهم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥) لمن تاب (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) مرفوع بفعل يفسره (اسْتَجارَكَ) استأمنك من القتل (فَأَجِرْهُ) أمنه (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) القرآن (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) أي موضع أمنه وهو دار قومه إن لم يؤمن لينظر في أمره (ذلِكَ) المذكور (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) (٦) دين الله فلا بد لهم من سماع القرآن ليعلموا (كَيْفَ) أي لا (يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) وهم كافرون بهما غادرون (إِلَّا
____________________________________
في قوله : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وهو منقطع والتقدير لكن الذين عاهدتم فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ، وهذا أولى من جعله متصلا ، لما يلزم عليه من الفصل بين المستثنى والمستثنى منه.
قوله : (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ) قرأ الجمهور بالصاد المهملة من النقصان ، وهو يتعدى لواحد واثنين ، فالكاف مفعول ، و (شَيْئاً) إما مفعول ثان أو مصدر ، أي لا قليلا ولا كثيرا من النقصان ، وقرىء شذوذا بالضاد ، والمعنى لم ينقضوا عهدكم ، وهي مناسبة لذكر العهد ، والقراءة الأولى مناسبة لذكر التمام في مقابلتها. قوله : (وَلَمْ يُظاهِرُوا) أي هؤلاء المشركون وهم بنو ضمرة حي من كنانة. قوله : (إِلى مُدَّتِهِمْ) أي وكان قد بقي من مدتهم تسعة أشهر. قوله : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) أي انقطعت وفرغت ، وتقدم للمفسر أن هذا يدل على أن أول المدة شوال ، وهو أحد أقوال ثلاثة تقدمت. قوله : (حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) أي في أي مكان. قوله : (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) أي لئلا ينتشروا في البلاد.
قوله : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) الخ ، المراد أتوا بأركان الإسلام ، وإنما اقتصر على الصلاة والزكاة ، لأنهما رأس الأعمال البدنية والمالية ، قوله : (ولا تتعرضوا لهم) أي لا لأنفسهم ولا لأموالهم ، فلا تأخذوا منهم جزية ولا أعشارا ، ولا غير ذلك. قوله : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) إن حرف شرط جازم ، وأحد فاعل بفعل محذوف يفسره قوله : (اسْتَجارَكَ) وهو فعل الشرط ، وقوله : (فَأَجِرْهُ) جواب الشرط ، وإنما أعرب أحد فاعلا بفعل محذوف ، لأن أدوات الشرط لا يليها إلا الأفعال لفظا أو تقديرا سيما إن. قوله : (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) أي فيتدبره ويعلم كيفية الدين وما انطوى عليه من المحاسن. قوله : (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) أي إن أراد الانصراف ولم يسلم وصله إلى قومه ليتدبر في أمره ، ثم بعد ذلك يجوز لك قتالهم ، لقيام الحجة عليهم. قوله : (المذكور) أي من الإجارة والإبلاغ. قوله : (ليعلموا) أي ما لهم من الثواب إن آمنوا ، وما عليهم من العقاب إن لم يؤمنوا. قوله : (أي لا) (يَكُونُ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام للتعجب بمعنى النفي ، وهذا تأكيد لإبطال عهدهم ونقضه في الآية المتقدمة.