الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يوم الحديبية وهم قريش المستثنون من قبل (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) أقاموا على العهد ولم ينقضوه (فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) على الوفاء به وما شرطية (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٧) وقد استقام صلىاللهعليهوسلم على عهدهم حتى نقضوا بإعانة بني بكر على خزاعة (كَيْفَ) يكون لهم عهد (وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) يظفروا بكم (لا يَرْقُبُوا) يراعوا (فِيكُمْ إِلًّا) قرابة (وَلا ذِمَّةً) عهدا بل يؤذوكم ما استطاعوا وجملة الشرط حال (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) بكلامهم الحسن (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) الوفاء به (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) (٨) ناقضون العهد (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) القرآن (ثَمَناً قَلِيلاً) من الدنيا أي تركوا اتباعها للشهوات والهوى (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) دينه (إِنَّهُمْ ساءَ) بئس (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩) به عملهم هذا (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) (١٠) (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) أي فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ
____________________________________
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) يصح أن يكون الاستثناء منقطعا أو متصلا ، فعلى الانقطاع يكون الموصول مبتدأ خبره جملة الشرط وهي قوله : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) الخ ، وعلى الاتصال يكون الموصول منصوبا على الاستثناء. قوله : (يوم الحديبية) اسم مكان بينه وبين مكة ستة فراسخ. قوله : (وهم قريش المستثنون من قبل) أي في قوله : (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) وقد تبع المفسر في ذلك ابن عباس وهو مشكل ، لأن هذه الآيات نزلت في شوال في السنة التاسعة ، وقريش إذ ذاك مسلمون ، لأنها كانت نقضت في السنة السابعة ، وحصل الفتح في الثامنة ، فالصواب كما قال الخازن : إن ذلك محمول على بني ضمرة ، الذين دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية مع جملة من القبائل ، فكلهم نقضوا إلا بين ضمرة فلم ينقضوا ، فلذا أمر رسول الله بإتمام عهدهم إلى مدتهم. قوله : (وما شرطية) أي بمعنى إن ، ويصح كونها مصدرية ظرفية ، أي فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم. قوله : (حتى نقضوا بإعانة بني بكر على خزاعة) هذا مبني على ما فهمه أولا ، ولو مشى على الصواب لقال : حتى فرغت مدتهم.
قوله : (كَيْفَ) (يكون لهم عهد) كرر الاستفهام زيادة في التأكيد. قوله : (إِلَّا) مفعول ليرقبوا ، وجمعه إلال كقداح. قوله : (قرابة) وقيل المراد به العهد ، وقيل المراد به الله تعالى ، وقيل الجواز وهو رفع الصوت عند المحالفة ، لأنهم كانوا يفعلون ذلك عند المحالفة ، والأقرب ما قاله المفسر. قوله : (عهدا) أي فالعطف للتفسير على تفسير إلال بالعهد. قوله : (يُرْضُونَكُمْ) هذا بيان لحالهم ، عند عدم الظفر بالمسلمين ، إثر بيان حالهم عند الظفر بهم. قوله : (وتأبى قلوبهم) أي تمتنع من الإذعان والوفاء بما أظهروه.
قوله : (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) أي استبدلوا آيات الله بالأعراض الفانية والشهوات الزائلة. قوله : (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي منعوا الناس من اتباع دين الإسلام والإيمان. قوله : (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي لضلالهم وكفرهم وإضلالهم غيرهم.
قوله : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ) كرر ذلك لمزيد التشنيع والتقبيح عليهم ، لأن مقام الذم كمقام المدح ، البلاغة فيه الإطناب. قوله : (فَإِنْ تابُوا) الخ ليس فيه تكرار مع ما تقدم ، لاختلاف جواب