وَظُهُورُهُمْ) وتوسع جلودهم حتى توضع عليها كلها ويقال لهم (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (٣٥) أي جزاءه (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) المعتد بها للسنة (عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) اللوح المحفوظ (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها) أي الشهور (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) محرمة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب (ذلِكَ) أي تحريمها (الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَ) أي الأشهر الحرم (أَنْفُسَكُمْ) بالمعاصي فإنها فيها أعظم وزرا وقيل في الأشهر كلها (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) جميعا في كل الشهور (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ
____________________________________
التأنيث ، ولذلك قرىء بالتاء من فوق ، وأنيب الجار والمجرور منابه ، ولتضمنه معنى الانقياد عدي بعلى. قوله : (جِباهُهُمْ) المراد بها جهة الإمام بدليل المقابلة. قوله : (وتوسع جلودهم) أي حتى لا يوضع دينار على دينار ، ولا درهم على درهم ، وذلك بعد جعلها صفائح من نار. قوله : (أي جزاؤه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، لأن الكنوز لا تذاق ، وهذا عذابه في الآخرة ، وورد أنه يصور ماله في قبره بصورة شجاع أقرع له زبيبتان ، يا أخذ بلزمتيه أي شدقيه ويقول : أنا كنزك ، أنا مالك ، فلا مانع من حصول الجميع له ، أجارنا الله من أسباب ذلك.
قوله : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) إلخ المقصود من ذلك الرد على الجاهلية ، حيث يزيدون في الأشهر ، بحسب أهوائهم الفاسد ، فرارا من القتال في الأشهر الحرام ، فإنهم كانوا يعظمون الأشهر الحرم ، فلا يقاتلون فيها ، فكانوا إذا اضطروا للقتال فيها ، ادعوا أنها لم تأت وقاتلوا فيها ، فربما جعلوا السنة أربعة عشر شهرا أو أزيد بحسب ما تسوله عقولهم الفاسدة. قوله : (عِنْدَ اللهِ) ظرف متعلق بمحذوف صفة للشهور.
قوله : (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) وهذه شهور السنة القمرية العربية التي يعتد بها المسلمون في عباداتهم كالصيام والحج وسائر أمورهم ، وأيام هذه الشهور ثلثمائة وخمسة وخمسون يوما ، والسنة الشمسية وتسمى القبطية ، وهي عبار عن دور الشمس في الفلك دورة تامة ، وهي ثلثمائة وخمسة وستون يوما وربع ، فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية ، إما عشرة أيام ، أو أحد عشر يوما ، خمسة أيام نقص الشهور العربية ، وخمسة أيام النسيء إن كانت السنة بسيطة ، وستة أيام إن كانت كبيسة ، فكل أربع سنين تأتي فيها سنة كبيسة ، فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية ، فيقع الصوم والحج تارة في الشتاء وتارة في الصيف. قوله : (فِي كِتابِ اللهِ) صفة لاثنا عشر. قوله : (محرمة) أي معظمة محترمة تتضاعف فيها الطاعات. قوله : (ذو القعدة) بفتح القاف وكسرها ، والفتح أفصح عكس الحجة. قوله : (بالمعاصي) أي فظلم النفس يكون بمخالفة الله ، لأنه بسبب ذلك تعرض لغضب الله الموجب لدخول النار. قوله : (فإنها فيها أعظم وزرا) أي أشد إثما منه في غيرها.
قوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) هذه الآية ناسخة لآية البقرة المفيدة حرمة القتال في الأشهر الحرم ، قال تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) الآية ، وقوله : (كَافَّةً) مصدر في موضع الحال من فاعل (قاتِلُوا) أو من (الْمُشْرِكِينَ) ولا يثنى ولا تجمع ولا تدخل عليه أل ولا