بِالْحَقِ) متعلق بأخرج (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥) الخروج والجملة حال من كاف أخرجك وكما خبر مبتدأ محذوف أي هذه الحال في كراهتهم لها مثل إخراجك في حال كراهتهم وقد كان خيرا لهم فكذلك أيضا وذلك أن أبا سفيان قدم بعير من الشام فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ليغنموها فعلمت قريش فخرج أبو جهل ومقاتلو مكة ليذبوا عنها وهم النفير وأخذ أبو سفيان بالعير طريق الساحل فنجت فقيل لأبي جهل ارجع فأبى وسار إلى بدر فشاور صلىاللهعليهوسلم أصحابه وقال إن الله وعدني إحدى الطائفتين فوافقوه على قتال النفير وكره بعضهم ذلك وقالوا لم نستعد له كما قال تعالى : (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) القتال (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) ظهر لهم (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ
________________________________
قوله : (مِنْ بَيْتِكَ) أي الكائن بالمدينة ، أو المراد بالبيت نفس المدينة ، قوله : (متعلق بإخراج) أي والباء سببية ، والمعنى : أخرجك من بيتك بسبب الحق ، أي إظهار الدين ورفع شأنه ، ويصح أن تكون الباء للملابسة ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الكاف في أخرجك ، أي أخرجك متلبسا بالحق أي الوحي ، لا عن هوى نفسك. قوله : (والجملة حال) أي مقدرة ، لأنهم وقت الخروج لم يكونوا كارهين ، وإنما طرأت الكراهة عند الأمر بقتال ذي الشوكة. قوله : (أي هذه الحال) أي وهي قسم الغنائم على العموم. قوله : (في كراهتهم لها) هذا هو وجه المماثلة والمشابهة بينهما. قوله : (فكذلك أيضا) أي قسم الغنائم كان خيرا انتهاء لما فيه من إصلاح ذات البين. قوله : (قدم بعير) أي إبل حاملة تجارة ، وكان فيها أموال كثيرة ورجال قليلة نحو الأربعين. قوله : (فعلمت قريش) إي بإخبار ضمضمة بن عمرو الغفاري الذي اكتراه أبو سفيان ، ليعلم قريشا بذلك. قوله : (ومقاتلو مكة) أي وكانوا ألفا إلا خمسين. قوله : (وأخذ أبو سفيان) أي عدل عن الطريق المعتاد للمدينة ، وسار بساحل البحر. قوله : (فشاور صلىاللهعليهوسلم أصحابه) أي في المضي إلى بدر لقتال النفير. قوله : (فوافقوه) أي آخرا ، بعد أن توقف بعضهم محتجا بعدم التهيؤ ، وكان إذ ذاك صلىاللهعليهوسلم بوادي دقران ، بدال وقاف وراء ، بوزن سلمان ، واد قريب من الصفراء ، وعند المشاورة قام أبو بكر وعمر فأحسنا في القول ، ثم قام سعد بن عبادة فقال : انظر أمرك فامض فيه ، فو الله لو سرت إلى عدن ما تخلف عنك رجل من الأنصار ، ثم قال مقداد بن عمرو : امض كما أمرك الله ، فإنا معك حيثما أحببت ، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ههنا قاعدون) ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا معكما مقاتلون. فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : أيها الناس أشيروا علي ، وهو يريد الأنصار ، فقام سعد بن معاذ ، فقال : كأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال أجل ، قال إنا قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أنا ما جئت به هو الحق ، فامش يا رسول الله لما أردت فإنا لا نكره أن يلقى عدونا ، وإنا لصبر عند الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله ، ثم قال رسول الله : سيروا على بركة الله وأبشروا ؛ فإن الله وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.
قوله : (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ) أي يقيمون حجة قبالة حجة ، فليس المراد بالجدال ، الجدال في الباطل. قوله : (ظهر لهم) أي تحتم القتال. قوله : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) أي كأنهم مثل من يساق