(فَرِيضَةً) نصب بفعله المقدر (مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ) بخلقه (حَكِيمٌ) (٦٠) في صنعه فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء ولا يمنع صنف منهم إذا وجد فيقسمها الإمام عليهم على السواء وله تفضيل بعض آحاد الصنف على بعض وأفادت اللام وجوب استغراق أفراده لكن لا يجب على صاحب المال إذا قسم لعسره بل يكفي إعطاء ثلاثة من كل صنف ولا يكفي دونها كما أفادته صيغة الجمع وبينت السنة أن شرط المعطى منها الإسلام وأن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا (وَمِنْهُمُ) أي المنافقين (الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) بعيبه وبنقل حديثه (وَيَقُولُونَ) إذ نهوا عن ذلك لئلا يبلغه (هُوَ أُذُنٌ) أي يسمع كل قيل ويقبله فإذا حلفنا له أنا لم نقل صدقنا (قُلْ) هو (أُذُنٌ) مستمع (خَيْرٍ لَكُمْ) لا مستمع شر (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ) يصدق (لِلْمُؤْمِنِينَ) فيما أخبروه به لا لغيرهم واللام زائدة للفرق بين إيمان التسليم وغيره (وَرَحْمَةٌ) بالرفع عطفا على أذن والجر عطفا
____________________________________
إن كان سفره في غير معصية ، وإلا فلا يعطى ، ولو خيف عليه الموت ما لم يتب ، ويعطى بشرط أن لا يجد مسلفا ، وهو مليء ببلده. قوله : (فلا يجوز صرفها لغير هؤلاء) أخذ ذلك من الحصر وهو محل وفاق. قوله : (ولا يمنع صنف منهم) هذا مذهب الشافعي ، وعند مالك : لا يلزم تعميم الأصناف ، فاللام في (للفقراء) إلخ ، لبيان المصرف لا للاستحقاق. قوله : (فيقسمها الإمام عليهم على السواء) هذا مذهب الشافعي ، وعند مالك : لا يلزم ذلك ، بل يندب إيثار المضطر. قوله : (لعسره) علة لعدم وجوب الاستغراق. قوله : (الإسلام) هذا في غير المؤلفة قلوبهم. قوله : (وأن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا) هذا مذهب الشافعي ، وعند مالك : الذين تحرم عليهم الزكاة بنوا هاشم فقط ، وهذا إن كان حقهم من بيت المال جاريا ، وإلا فهم أولى من غيرهم ، فإعطاؤهم أسهل من تعاطيهم خدمة الذمي والفاجر.
قوله : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) سبب نزولها : أن جماعة من المنافقين تكلموا في حقه صلىاللهعليهوسلم بما لا يليق ، فقال بعضهم لبعض : كفوا عن ذلك الكلام لئلا يبلغه ذلك ، فيقع لنا منه الضرر ، فقال الجلاس ، بضم الجيم وفتح اللام المخففة ، ابن سويد : نقول ما شئنا ، ثم نأتيه فننكر ما قلنا ونحلف فيصدقنا فيما نقول ، فإنما محمد أذن. قوله : (أي يسمع كل ما قيل) أي من غير أن يتأمل فيه ، ويميزنا باطنه من ظاهره ، فقصدوا بذلك وصفه صلىاللهعليهوسلم بالغفلة ، لأنه كان لا يقابلهم بسوء أبدا ، وتحمل أذاهم ويصفح عنهم ، فحملوه على عدم التنبه والغفلة ، وإنما كان يفعل ذلك رفقا بهم ، وتغافلا عن عيوبهم ، وفي تسميته إذنا مجاز مرسل ، من إطلاق الجزء على الكل للمبالغة في استماعه ، حتى صار كأنه هو آلة السماع ، كما يسمى الجاسوس عينا.
قوله : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) أي يسمع الخير ، ولا يسمع الشر. قوله : (يؤمن بالله) إلخ ، هذا إيضاح لكونه أذن خير. قوله : (واللام زائدة) جواب عما يقال : لم زيدت اللام مع أن الإيمان يتعدى بالباء. فأجاب : بأنها زيدت للفرق بين إيمان التسليم وهو قوله : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، أي يسلم لهم قولهم ويصدقهم فيما يقولونه ، وبين إيمان التصديق المقابل للكفر وهو قوله : (وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) ، أي يصدق بالله ويوحده. قوله : (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي أظهروا الإيمان منكم ، وهذه الرحمة بمعنى الرفق بهم ،