على خير (لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦١) (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) أيها المؤمنون فيما بلغكم عنهم من أذى الرسول أنهم ما أتوه (لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) بالطاعة (إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) (٦٢) حقا ، وتوحيد الضمير لتلازم الرضاءين أو خبر الله ورسوله محذوف (أَلَمْ يَعْلَمُوا) ب (أَنَّهُ) أي الشأن (مَنْ يُحادِدِ) يشاقق (اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) جزاء (خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) (٦٣) (يَحْذَرُ) يخاف (الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) أي المؤمنين (سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ) من النفاق وهم مع ذلك يستهزئون (قُلِ
____________________________________
وعدم كشف أسرارهم ، لا بمعنى التصديق لهم ، فإن رحمته في الدنيا عامة للبر والفاجر ، وفي الآخرة مختصة بالبر دون الفاجر ، إذ هي تابعة لرحمة الله تعالى وإحسانه.
قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) أي يحلف المنافقون للمؤمنين ، أنه ما وقع منهم الإيذاء للنبي ، وقصدهم بذلك إرضاء للمؤمنين ليذبوا عنهم ، إذا أراد رسول الله أن يفتك بهم ، وسبب نزولها : أنه اجتمع ناس من المنافقين ، منهم الجلاس بن سويد ، ووديعة بن ثابت ، فوقعوا في رسول الله قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير ، وكان عندهم غلام يقال له عامر بن قيس ، ثم أتى النبي صلىاللهعليهوسلم وأخبره ، فدعاهم وسألهم ، فأنكروا وحلفوا أن عامرا كذاب ، وحلف عامر أنهم كذبوا ، فصدقهم النبي صلىاللهعليهوسلم ، فجعل عامر يدعو ويقول : اللهم صدق الصادق ، وكذب الكاذب. قوله : (ما أتوه) أي ما فعلوه ، وفي نسخة آذوه. قوله : (لِيُرْضُوكُمْ) علة لقوله : (يَحْلِفُونَ). قوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) الجملة حالية من ضمير يحلفون ، والمعنى يحلفون لكم لإرضائكم ، والحال أن الله ورسوله أحق بالإرضاء.
قوله : (إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، أي فليرضوا الله ورسوله. قوله : (وتوحيد الضمير) إلخ ، أشار المفسر لثلاثة أجوبة عن سؤال وارد على الآية حاصله أن لفظ الجلالة مبتدأ ، و (رَسُولُهُ) مبتدأ ثان معطوف عليه ، وجملة (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) خبر ، والضمير مفرد ، وما قبله مثنى ، فلم أفرد الضمير؟ فأجاب المفسر : بأنه أفرده ، لأن الرضاءين واحد ، لأن رضا رسول الله تابع لرضا الله ولازم له ، فالكلام جملة واحدة ، أو الجملة خبر عن رسوله ، وحذف خبر لفظ الجلالة لدلالة ما بعده عليه ، أو خبر عن لفظ الجلالة ، وخبر رسوله محذوف ، لدلالة ما قبله عليه ، ففيه : إما الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه ، أو بالعكس.
قوله : (أَلَمْ يَعْلَمُوا) الإستفهام للتوبيخ. قوله : (مَنْ يُحادِدِ اللهَ) من : شرطية مبتدأ ، وقوله : (فَأَنَ) إلخ خبر لمحذوف أي فحق أن له الخ ، والجملة جواب الشرط ، وجملة فعل الشرط وجوابه خبر (مَنْ) ، ومجموع اسم الشرط وفعله وجزائه خبر أن الأولى ، وجملة أن الأولى من اسمها وخبرها ، سدت مسد مفعولي يعلم. قوله : (جزاء) تمييز. قوله : (خالِداً فِيها) حال مقدرة. قوله : (أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) أي المؤمنين ، وقوله : (تُنَبِّئُهُمْ) أي تخبر المؤمنين ، وقوله : (بِما فِي قُلُوبِهِمْ) أي المنافقين من الحقد والحسد للمؤمنين.