يَظْلِمُونَ) (٧٠) بارتكاب الذنب (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده (حَكِيمٌ) (٧١) لا يضع شيئا إلا في محله (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) إقامة (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) أعظم من ذلك كله (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٧٢) (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف (وَالْمُنافِقِينَ) باللسان والحجة (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) بالانتهار والمقت (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٧٣) المرجع هي (يَحْلِفُونَ) أي المنافقون (بِاللهِ ما قالُوا) ما بلغك
____________________________________
قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ) إلخ ، لما بين حال المنافقين والمنافقات عاجلا وآجلا ، ذكر حال المؤمنين والمؤمنات عاجلا وآجلا. قوله : (أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أي في الدين ، وعبر عنهم بذلك دون المنافقين ، فعبر في شأنهم بمن ، إشارة إلى أن نسبة المؤمنين في الدين كنسبة القرابة ، وأما المنافقون فنسبتهم طبيعية نفسانية ، فهم جنس واحد. قوله : (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) أي يحبونه لأنفسهم ولإخوانهم ، والمعروف كل ما عرف في الشرع وهو كل خير. قوله : (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) أي ينفرون منه ولا يرضون به ، والمراد بالمنكر كل ما خالف الشرع. قوله : (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي باللسان والجنان وسائر الأعضاء. قوله : (سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) أي في الدنيا بالإيمان والمعرفة ، وفي الآخرة بالخلود في الجنة ونعيمها ، ورضا الله عنهم ، وهذه الأوصاف مقابلة لأوصاف المنافقين المتقدمة. قوله : (عن إنجاز وعده) أي للمؤمنين والمؤمنات. قوله : (ووعيده) أي للمنافقين والمنافقات ، فهو لف ونشر مشوش.
قوله : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) هذا تفصيل لما أجمل في قوله : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ). قوله : (جَنَّاتٍ) أي بساتين ، لكل مؤمن ومؤمنة ليس فيها شركة لأحد. قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي بأرضها. قوله : (خالِدِينَ فِيها) حال من المؤمنين والمؤمنات. قوله : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً) أي تستطيبها النفوس وتألفها فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. قوله : (فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي في بساتين إقامة ، لا تحول ولا تزول ، روي أنه سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله تعالى : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) قال : قصر من لؤلؤة ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون ، على كل فراش زوجة من الحور العين ، وفي رواية : في كل بيت سبعون مائدة ، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام.
قوله : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) التنوين للتقليل ، أي أقل رضوان يأتيهم من الله ، أكبر من ذلك كله ، فضلا عن أكثره ، ورد أن الله تعالى يقول لأهل الجنة : رضيتم؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا : وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا. قوله : (ذلِكَ) أي الرضوان. قوله : (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي الظفر بالمقصود الذي لا يضاهى. قوله : (بالسيف) المراد به جميع آلات الحرب. قوله : (باللسان والحجة) أي لا بالسيف لنطقهم بالشهادتين ، فالمراد بجهادهم بذل الجهد في نصيحتهم وتخويفهم. قوله : (بالانتهار والمقت) المراد به القتل بالنسبة للكفار ، والإهانة والزجر بالنسبة للمنافقين. قوله : (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) جملة مستأنفة بيان لعاقبة أمرهم.