ليأتي بجنود من قيصر لقتال النبي صلىاللهعليهوسلم (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) الذين يصلون بقباء بصلاة بعضهم في مسجدهم (وَإِرْصاداً) ترقبا (لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) أي قبل بنائه وهو أبو عامر المذكور (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ) ما (أَرَدْنا) ببنائه (إِلَّا) الفعلة (الْحُسْنى) من الرفق بالمسكين في المطر والحر والتوسعة على المسلمين (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٠٧) في ذلك وكانوا سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم أن يصلي فيه فنزل (لا تَقُمْ) تصل (فِيهِ أَبَداً) فأرسل جماعة هدموه وحرقوه وجعلوا مكانه كناسة تلقى فيها الجيف (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ) بنيت قواعده (عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) وضع يوم حللت بدار الهجرة وهو مسجد قباء كما في البخاري (أَحَقُ) منه (أَنْ) أي بأن (تَقُومَ) تصلي (فِيهِ رِجالٌ) هم الأنصار (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨) أي يثيبهم وفيه إدغام التاء في الأصل في الطاء. روى ابن خزيمة في صحيحه عن عويمر بن ساعدة أنه صلىاللهعليهوسلم أتاهم في مسجد قباء فقال إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي
____________________________________
السكن ، ووحشيا ، فقال لهم : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدموه واحرقوه ، فخرجوا مسرعين حتى أتوا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك : أنظروني حتى أخرج إليكم بنار ، فدخل على أهله ، فأخذ من سعف النخل فأوقده ثم خرجوا يشتدون ، حتى دخلوا المسجد وفيه أهله ، فأحرقوه وهدموه وتفرق أهله ، وأمر رسول الله أن يتخذ ذلك الموضع كناسة تلقى فيه الجيف والقمامة ، ومات أو عامر بالشام طريدا وحيدا غريبا.
قوله : (إِلَّا الْحُسْنى) صفة لموصوف محذوف قدره المفسر بقوله : (الفعلة). قوله : (يَشْهَدُ) أي يعلم. قوله : (في ذلك) أي الحلف. قوله : (وكانوا سألوا النبي) إلخ ، أي بعد فراغهم من بنائه ، وكان متجهزا لغزوة تبوك ، فوعدهم بذلك حين يقدم. قوله : (لَمَسْجِدٌ) اللام للابتداء ، ومسجد مبتدأ و (أُسِّسَ) نعته و (أَحَقُ) خبره. قوله : (يوم حللت بدار الهجرة) أي وهو يوم الاثنين ، فأقام فيه الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وخرج صبيحة الجمعة ، فدخل المدينة وقيل صلى به الجمعة ، وهي أول جمعة صلاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهذا على القول بأنه قام بقباء أربعة أيام ، وقيل أقام أربعة عشر ، وقيل اثنين وعشرين يوما. قوله : (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) اسم التفضيل ليس على بابه ، أو باعتبار زعم المنافقين ، أو باعتبار ذات المسجد ، فإن الخبث في نيتهم لا في ذات المسجد.
قوله : (فِيهِ رِجالٌ) هم بنو عامر بن عوف. قوله : (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) يحتمل أن المراد الطهارة : المعنوية من الذنوب والقبائح ، وذلك موجب للثناء والمدح والقرب من الله ، وقيل المراد الطهارة الحسية من النجاسات والأحداث وهو الأقرب ، لأن مزيتهم التي مدحوا عليها مبالغتهم في طهارة الظاهر وأما طهارة الباطن ، فأمر مشترك بين المؤمنين ، وقيل المراد ما هو أعم ، فقد حازوا طهارة الظاهر والباطن. قوله : (وفيه إدغام التاء) إلخ ، أي فأصله المتطهرين ، أبدلت التاء طاء ، وأدغمت الطاء. قوله : (في الطهور) بضم الطاء في هذا وفيما يأتي ، لأن المراد به الفعل. قوله : (فغسلنا كما غسلوا) أي بعد المسح