فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) جملة استئناف بيان للشراء وفي قراءة بتقديم المبني للمفعول أي فيقتل بعضهم ويقاتل الباقي (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) مصدران منصوبان بفعلهما المحذوف (فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ) أي لا أحد أوفى منه (فَاسْتَبْشِرُوا) فيه التفات عن الغيبة (بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ) البيع (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١١) المنيل غاية المطلوب (التَّائِبُونَ) رفع على المدح بتقدير مبتدأ من الشرك والنفاق (الْعابِدُونَ) المخلصون العبادة لله (الْحامِدُونَ) له على كل حال (السَّائِحُونَ) الصائمون (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) أي المصلون
____________________________________
بأن جعل الجنة ثمنا لهما ، ومن المعلوم أن الثمن أغلى من الثمن ، وإشارة إلى أن الجنة خلقت لهم ، ولم يخلقوا لأجلها. قوله : (يبذلوها في طاعته) أي يصرفوها في مرضاته.
قوله : (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) لم يقل بالجنة إشارة إلى أن الجنة مختصة بهم وواصلة إليهم ، كأنه قيل بالجنة الثابتة لهم ، ثم إن قوله : (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) إلخ ، كناية عن التعويض عن بذل النفوس والأموال بالجنة ، وإلا فحقيقة الشراء ، أخذ ما لا يملك بعوض ، وهذا مستحيل في حق الله تعالى ، بل معناه أثابهم وقبلهم في نظير خدمتهم ، فشبهت الإثابة والقبول بالشراء ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، واشتق من الشراء اشترى ، بمعنى أثابهم وقبلهم وإنما عبر عنه بالشراء تلطفا ورفقا بهم. قوله : (بيان للشراء) الأوضح أن يقول بيان للبيع الذي يستلزمه الشراء. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (أي فيقتل بعضهم ويقاتل الباقي) أشار بذلك إلى أنه لا يتوقف الفضل على الجمع بين الأمرين معا ، بل المدار على نية إعلاء كلمة الله حصلا ، أو أحدهما أو لا ولا. قوله : (بفعلهما المحذوف) أي والتقدير وعده وعدا ، وحقه حقا.
قوله : (فِي التَّوْراةِ) إلخ ، الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لوعدا ، والمعنى (وَعْداً) مذكورا (فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) وخص التوراة والإنجيل بالذكر ، لإقامة الحجة على من عارض من اليهود والنصارى ، وحينئذ فلا ينافي أن هذا الوعد مذكور في الكتب السماوية ، قال محمد بن كعب القرظي : لما بايعت الأنصار رسول الله ليلة العقبة ، وكانوا سبعين رجلا ، قال عبد الله بن رواحة : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، قال : أشترط لربي أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم ، قال : إذا فعلنا ذلك ما لنا؟ قال : الجنة ، قالوا ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل ، فنزلت هذه الآية بشارة لهم. قوله : (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله : (فَاسْتَبْشِرُوا) خطاب للمؤمنين لمزيد الاعتناء بهم ، والسين والتاء للتصيير ، أي صرتم لكم البشرى بذلك في الدنيا والآخرة.
قوله : (التَّائِبُونَ) إلخ ، هذه أوصاف تسعة للمؤمنين. الستة الأولى متعلقة بحقوق الله وحده ، والاثنان بعدها متعلقان بحقوق الخلق ، والأخير عام. قوله : (بتقدير مبتدأ) أي وهم التائبون. قوله : (من الشرك والنفاق) متعلق بالتائبون ، والتوبة شرطها الندم على ما وقع ، والعزم على عدم العود والإقلاع ورد المظالم إلى أهلها. قوله : (المخلصون العبادة لله) أي المنهكون في طاعة الله سرا وجهرا. قوله : (الْحامِدُونَ) (له على كل حال) أي في السراء والضراء ، قال عليهالسلام «أول من يدعى إلى الجنة يوم